لكل منا وجهته في حياته، ووجهة الإنسان منا في هذه الحياة مرتبطة ومعبرة عن مكنونات ذاته ومتوافقة مع رؤيته وسعيه في حياته، ولكم من السمو والسعادة أن يعيش الإنسان منا وقد خط طريقه سعيا لتحقيق ما يرغبه وما يتطلع إليه فيرى يوما بعد يوم اقترابه لنيل أهدافه التي كانت في يوم ما فقط تجول في مخيلته. وهو من قال الشاعر فيه:
كل له غرض يسعى ليدركه
والحر من يجعل إدراك العلا غرضا
إلا أنه في جانب ما هناك من يقتصر ويطوق توجهاته في هذه الحياة على أمر ما من الماضي الذي ولى أم من الحاضر الذي لا يقتصر إلا على لحظات عابرة فيستاء معه ويغيب عن الواقع والمستقبل ويتيه برفقته طويلا دون فائدة مرجوة غير حسرة ترافقه تبث في روحه الجمود.
وحاله هذا كحال موقف لربما حدث لأحد منا بأن تواجد في غرفة ما وفجأة وجد نفسه يستمع لصوت مزعج فيجول ببصره وفكره ويدرك أنه صوت الإضاءة إلا أنه يظل مع إدراكه قلقا ومنزعجا من ذلك الصوت الذي لحظة بعد لحظة - لتوجيه كل تركيزه عليه - يزداد إزعاجا له فيتخيل جهلا أن الصوت يزداد ويزداد!! وقد يحدث أن يكون بجواره أحدهم فيفزع إليه سائلاً عن سماعه ذلك الصوت فيقول لا أسمع شيئا وبعد إلحاحه، يشدد تركيزه فيجيبه نعم ربما يكون صوت الإضاءة!. ويزداد عجب صاحبنا إن وجد انزعاج من سأله لا يعادل انزعاجه بل قد لا يظهر انزعاجا البتة. وقد يتحدث معه بأمر مهم ومصيري، ويظل صاحبنا مشتت الذهن بسبب ذلك الصوت! الذي ما كان له أن يزداد إلا لأن تركيز الذهن عليه ازداد.
وهكذا بالمثل يحدث لمن لم يوجد ويحدد لحياته وجهة يحقق فيها أمنياته وتطلعاته ويسعى بإخلاص لتحقيقها تظل تأسره بالقلق والمخاوف صغائر أمور يظنها كبيرة وخطيرة ومصيرية وما هي إلا مشتتات لا يد له فيها ولا طائل من متابعتها والوقوف طويلا عليها، بل كل ما بالإمكان ما هو إلا التكيف معها والتغلب عليها والسعي لتحقيق ما هو أكبر بكثير منها.
يقول سوفاج: ليس للحياة قيمة إلا إذا وجدنا فيها شيئا نناضل من أجله.
هـدى ناصر الفريح