يقوى تأثير خطبة الجمعة على الحضور حسب اهتمام الخطيب في جودة خطبته. وهذا يعني البداية بإعداد الخطبة في وقت مبكر، وإن بدأ الخطيب من يوم السبت بكتابة المقدمة لخطبته، وهي الحمد لله والثناء عليه واختيار الموضوع الذي يريد أن يخطب عنه، فلا شك أن هذه الخطوة ستجعل منه هماً يلازمه في كل أوقاته وسيفتح له آفاق التفكير والمعرفة ويحدوه إلى البحث واقتناص الطرائف العلمية التي لها علاقة بالموضوع سواء كانت سماعاً أو قراءة وستوجد عنده مسودة يستخلص منها ما يريد الوصول إليه، وهذا مجرب.
ومن الأمور المهمة مواكبة اهتمامات الناس ومراعاة غرائزهم، ولا يكون من الخطيب أن يحاكي ما في نفوسهم ويأتي في خطبته على ما يريدون وإن كان مخالفاً للشرع والحكمة، فليس هذا من إعداد الخطبة الجيدة النافعة في شيء.
ومن الأمور التي تتعلق بإعداد الخطبة وهو من أساسياتها: استحضار الأدلة وذكرها من الكتاب والسنة وبيان المشكل منها، وإدراك الخطيب أن من الأدلة ما هو قطعي الحجة والبيان والثبوت، ومنها ما هو ظني ذلك. والخطيب الجيد هو الذي يرتقي بالأدلة الظنية بأسلوب جذاب إلى درجة تحمل السامع لها على التسليم لتحقق الفائدة المرجوة من ذكرها،
كمن يريد التحضير من أمر له عواقب سيئة فيعرض على المستمع تلك العواقب بأسلوب جذاب تجعله يحجم عن الإقدام عليه، لماذا؟ لأنه بهذا العرض جعل عنده ما هو ظني الثبوت والوقوع بمنزلة ما هو يقيني الثبوت والحصول.
ومن الأمور المهمة أيضاً في إعداد الخطبة: قوة بداية الخطبة لشد السامعين وحفزهم إلى الإقبال عليه، فإذا أراد أن يتكلم عن موضوع بدأ بالحمد والثناء على الله ثم ساق الأدلة من القرآن أو السنة التي لها علاقة بالموضوع، فإن ذلك أدعى إلى توطين النفوس لتقبل ما بعده. هذا في المقدمة، ثم الدخول بالموضوع بالتعريف أولاً ثم أهمية الموضوع ومكانته في الدين ثانياً، ثم ذكر النتائج فتكون بمثابة الثمار لهذا التنبيه. وحبذا لو كانت هناك خاتمة تختصر الموضوع بعيدة عن التكرار والإعادة وتكون مؤثرة، وحجة على السامع باعثة له على العمل.
*حائل