Al Jazirah NewsPaper Friday  30/01/2009 G Issue 13273
الجمعة 4 صفر 1430   العدد  13273
الفجوة بين مناهج التعليم وسوق العمل
منصور بن صالح اليوسف *

 

لا شك أن المملكة العربية السعودية قد أولت اهتماماً منقطع النظير للتعليم ورصدت من أجل ذلك المليارات منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز - رحمه الله- حتى الآن.. ولذلك فقد فتحت المدارس للبنين والبنات في كل مدينة وقرية من مدن وقرى المملكة في طول البلاد وعرضها.. كما قدمت برامج مرحلية متعددة لمحو الأمية للكبار خلال العقود الماضية.. وفي السنوات الأخيرة عملت الدولة على افتتاح عدد كبير من الجامعات والكليات والمعاهد المختلفة في عموم أنحاء المملكة.. كما أوفدت عدداً كبيراً من الطلاب لتلقي العلم والمعرفة في عدد من دول العالم في أمريكا وأوروبا وأستراليا وآسيا وغيرها.

إن المتتبع لمخرجات التعليم يجد فجوة بين متطلبات سوق العمل والخريجين حيث يوجد عدد كبير من الخريجين لا يجدون وظائف مناسبة بالرغم من حاجة البلاد المتزايدة إلى القوى البشرية المؤهلة فنياً ومهنياً.. فلو نظرنا إلى مهنة الطب والعلوم الطبية المساعدة مثلاً لوجدنا أن الإحصائيات تشير إلى أن نسبة السعوديين في هذا القطاع متدنية بالرغم من أن الكفاءات السعودية في هذا المجال متميزة.. ولو أردنا أن نسوق أمثلة على ذلك لما اتسع المجال، لكن يكفي أن أشير إلى عمليات القلب المفتوح وزرع الأعضاء وفصل التوائم وغيرها التي تمت على أيدي أطباء سعوديين، وفي عدد من المستشفيات بالمملكة.

هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإننا نجد الأعمال المهنية والفنية كأعمال الميكانيكا والكهرباء والبناء والنجارة والحدادة والخياطة وغيرها تكاد تكون خالية من الأيدي السعودية بالرغم من أنها مفيدة ومربحة وأمان من الفقر.. ولا يختلف اثنان على أن هناك احتياجاً هائلاً لهذه الأعمال في جميع المدن والقرى السعودية.. إضافة إلى ذلك فإننا نجد أعمال الصيانة المختلفة للأجهزة الكهربائية والإلكترونية تعاني من النقص الحاد من الأيدي العاملة السعودية.. وتجدر الإشارة إلى أن بعض الدول تشترط توفر مهارة معينة في إحدى المهن السابقة كشرط أساسي مسبق للحصول على تأشيرة دخول للعمل على أراضيها.

ولو أردنا أن ندرس أسباب تينك المسألتين لوجدنا أن السبب في الأولى يكمن في عدم توفر الفرص في الغالب.. أما في الثانية فيكمن في النظرة الاجتماعية الدونية لهذه المهن.. وأعتقد أن الحل في الأولى هو العمل على فتح أكبر عدد من كليات الطب والعلوم الطبية المساعدة في الجامعات الجديدة التي يتم بناؤها في عدد من المناطق بالمملكة في الوقت الحاضر.. أما الثانية فأعتقد أنه حان الوقت لتغيير تلك النظرة الاجتماعية الخاطئة من خلال مناهج التربية والتعليم والإعلام المرئي والمقروء والمسموع حتى لو تطلب الأمر لجعله موضوعاً من موضوعات الحوار في مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني.

والسبب الذي يدعو إلى أن تكون هذه المسألة موضوعاً للحوار هو أن أعداداً كبيرة من الخريجين الذين يتلقون تدريباً في الكليات والمعاهد المهنية والفنية والتقنية لا يكاد يرى لهم أثر في الحياة الاجتماعية في مجال تخصصاتهم بالرغم من أن هذه المؤسسات منتشرة في عموم مناطق المملكة وقد مضى عليها عشرات السنين.. بل أذهب أبعد من ذلك حيث نجد أن بعض خريجي هذه المعاهد والكليات يحاول العمل في المجال الكتابي أو الإداري منذ تعيينه في وظيفة مهنية أو فنية حتى يتحقق له ذلك.

والسؤال المهم في هذا المجال هو: هل يجب على المؤسسات التعليمية أن تضع مناهجها لخدمة سوق العمل أم للعلم المجرد؟ وأعني بالعلم المجرد تقديم العلم من أجل العلم وهو تزويد المتعلم بالمعرفة اللازمة في جميع التخصصات بغض النظر عن متطلبات سوق العمل حسب المناهج المعروفة في التعليم في العالم. إن إجابتي على هذا السؤال لا تهم بقدر أهمية إجابة المختصين والمسئولين في تلك القطاعات.. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

* عضو هيئة التدريب بمعهد الإدارة



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد