أحدث انتخاب باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية ضجة كبيرة في الأوساط العالمية، خصوصاً لدى العرب والمسلمين الذين أبدى كثير منهم ارتياحه لانتخاب أوباما، الذي أصبح رئيساً للدولة المهيمنة على هذا العالم باعتبارها قوة اقتصادية وعسكرية لا منافس لها.
لكن هل يعتقد العرب والمسلمون أن هناك فرداً واحداً يمتلك القدرة على تحريك دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية؟!
أكاد أجزم أن غالبية العرب والمسلمين ينتظرون من أوباما إنهاء القضية الفلسطينية وإعلان قيام الدولة الفلسطينية، وكذلك إنهاء احتلال العراق وأفغانستان ومعالجة مشكلة الاحتباس الحراري والقضاء على الفقر الذي تعاني منه الكثير من شعوب العالم، وإنهاء مشكلة انهيار الاقتصاد العالمي، وإيجاد حلول لمشكلة المد البحري، الذي فتك بشعوب بعض الدول، التي لا تزال تخشى تكرار ذلك المد البحري المميت، وغير ذلك الكثير والكثير من القضايا التي ينتظر العرب والمسلمون من أوباما حلها لينعم العالم بالأمن والسلام.
يخطئ كل من يعتقد أن أمريكا تعتمد على فرد واحد في رسم سياستها وخططها الإستراتيجية وتعاملها مع قضايا العالم المتنوعة، ويخطئ من يعتقد أن أمريكا وبما وصلت إليه من مكانة عالمية كبيرة كانت بسبب جهد فرد واحد، ويخطئ كذلك من يعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية بعلمائها ومفكريها ومثقفيها وسياسييها ومسؤوليها ستقبل بأن يغير شخص واحد إستراتيجيات وخططاً وضعت لسنوات طويلة قادمة تطلبت الجهد والبذل الكبير لصياغتها ووضعها حيز التنفيذ.
أوباما لا يملك العصا السحرية القادرة على تلبية رغبات وطموحات العالمين العربي والإسلامي، وليس هو أوباما من ستسمح له أمريكا وهي بلاد الديمقراطية بأن يمس تلك الديمقراطية التي تتيح لكل مواطن فرصة إبداء الرأي، والذي قد يأتي من أصغر مواطن أمريكي ليصل إلى أكبر مسؤول في الدولة الأمريكية، ويكون هذا المسؤول عندها مجبراً لسماع ذلك الرأي والتفاعل معه حسب العادات الديمقراطية الأمريكية.
أما آن للعرب والمسلمين أن يؤمنوا بأن الحياة تعطي من يعطيها وأن قضايا العالم المختلفة لا يجب أن تكون مباشرتها والاهتمام بها حكراً على دولة واحدة فقط.
على العرب والمسلمين الانطلاق نحو العالم والمشاركة بكل ما هو متاح من جهد تكون نتائجه عكس صورة مشرقة عن العرب والمسلمين أمام سائر دول العالم، تجعل منهم شعوباً متفاعلة مبادرة لا شعوباً مستهلكة مستمعة.
ما يجب أن يعيه العرب والمسلمون أن المجال مفتوح أمامهم للمساهمة في معالجة الكثير من القضايا التي يعانيها هذا العالم الذي يعيشون فيه، منها القضية الفلسطينية، أما أن يتم التواكل على دول محددة أو فرد واحد لإنهاء ما يعانيه هذا العالم من مشكلات، بعضها يخص العرب والمسلمين أنفسهم، فهذا هو التواكل بعينه، الذي تمكن من العرب والمسلمين، والذي يتجلى في ذلك الابتهاج الكبير بانتخاب أوباما، الذي لا أشك في أن تواكل العرب والمسلمين عليه لإنهاء قضاياهم المصيرية وقضايا العالم المتنوعة قد وصل إليه حتى قبل أن يتم تنصيبه رسمياً كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية.
fauz11@hotmail.com