** هذا الدهر -منذ الأمد وإلى الأبد- بقدر ما يوشح قلوبنا باخضرار الفرح فإنه في الوقت ذاته يخضب جوانحنا بالفراق والشجن!.
و(الموت) أقسى العوامل التي تبعث على الشجن وتدخل المرء في فضاءات الألم!.
***
آخر حزن تلبس قلوب محبّيه: فقد زميلنا الغالي الشيخ د. عبدالله بن محمد العجلان عضو مجلس الشورى -رحمه الله وغفر له-.
هذا الراحل لا تملك إلا أن تحبّه وتحترمه وتعتز بعلاقتك معه!، وليس أدلّ من محبة الناس له مثل تلك الحشود من مختلف الأطباق التي صلّت عليه وشهدت جنازته.
إنسان صادق واضح صريح، يحمل غيرة عظيمة على دينه ووطنه ولغته.
أقول ذلك من خلال معرفة عريقة ووثيقة توجها تشرّفي بزمالته بمجلس الشورى، ولقد وجدت هذه الصفات تتجلى في كل رأي يطرحه، أو وجهة نظر يتفق معها أو يختلف مع غيره فيها.
***
أذكر أنه في بداية معرفتي به جاءت من خلال مقالة كتبتها حول ملاحظات على كليات البنات عندما كان رحمه الله يعمل وكيلاً للرئيس العام لشؤون الكليات.. وأذكر عندما اتصل بي بارحة اليوم التالي لنشر المقال موضحاً ملابسات الملاحظات التي كتبتها، وما اتخذته وسوف تتخذه الوكالة بشأنها.. كان يتحدث معي بشفافية فلم يدافع أو يبرر بل كان صادقاً في الاتفاق مع ما كتبته والاختلاف مع البعض الآخر.. وأذكر أنني قلت له: لو كنت أعلم الغيب، وكانت لديّ هذه المعلومات ما كتبت ما كتبت فرد عليّ رحمه الله: (أحمد الله أنك كتبت لتعرف ملابسات هذه الملاحظات، وأنا أفرح بالنقد الموضوعي -يا أخي- فهو أحب إليّ من الثناء)، وكم كان صادقاً ومقنعاً وهو يتحدث ويوضح ويتفق ويختلف.
***
رحم الله الشيخ عبدالله محمد العجلان، فلا زال صوته الجهوري والصريح يرن في أذني ونحن تحت قبة مجلس الشورى.. كان صريحاً في طرحه، غير موارب في عرض وجهة نظره.
أتذكر الآن كم سعدت خلال السنوات الماضية الأخيرة في لقاءات تتم بينه وبيني حول عدد من القضايا التي تعني سماحة إسلامنا، أو الحفاظ على لغتنا، أو التي تهم هذا الوطن وشبابه وشاباته.
وكم أفدت من حواراتي معه في بعض ما أتناوله وأطرحه في كتاباتي المتواضعة من رؤى تستهدف صالح هذا الوطن عقيدة وكياناً وإنساناً.
لقد كان الراحل الغالي يلج إلى فضاءات قلبك منذ أول تعرف لك عليه ويشدك إليه وضوحه وصراحته وصدقه..
لقد عرفته مسؤولاً ثم جاورته سكناً، ثم تشرفت به زميلاً.. وكان هو -في كل الأحوال والحالات- عبدالله العجلان الإنسان الذي يمتلك نبل الخلق وشفافية الرأي وصدق الغيرة.
***
رحمه الله رحمة واسعة، وجمعنا به في جنات ونهر، وبارك الله في أبنائه وبناته ليسيروا على نهجه ليخدموا دينهم ووطنهم وليحيوا ذكره بالأعمال الصالحة.