يحرص الوعاظ والدعاة في جميع الأديان على الطلب من أتباع دياناتهم بأن يكونوا إنسانيين ويبتعدوا عن إيذاء البشر بخاصة في أوقات الحروب والأزمات، فالرسالات السماوية وبخاصة الأديان التوحدية، إنما أنزلت لحماية النفس البشرية، ولذلك فإن إزهاق النفس الواحدة يعد في شريعة هذه الأديان قتل للبشرية جمعاء.
ولهذا فإن أئمة المسلمين وخلفاءهم الراشدين وقادة جيوشهم في حملات الفتح الإسلامية التي أدخلت أقوام وأمم عدة إلى الدين الحق, كانوا يوصون ممن هم أدنى منهم مرتبة في قيادة الجيوش وبحزم بعدم إيذاء النساء والأطفال والشيوخ، واحترام دور العبادة بل حتى حماية البيئة بعدم قطع الأشجار أو إزالتها.
هكذا كان يعامل المسلمون أتباع الأديان الأخرى، وكذلك كان أتباع الأديان الأخرى في سنينها الأولى بعد نزول الرسل السماوية، إلا أن تلك الأديان ما أن يتوفى نبيهم وتمر بضع سنين حتى يرتدوا إلى سلوكهم العدواني، بل إن يهود فعلوا الويل لنبي الله موسى وأخيه هارون فصنعوا العجل ومارسوا القتل والإيذاء حتى أثناء وجود الرسول موسى عليه السلام على قيد الحياة، ولهذا فليس عجباً أن يقود حاخامات اليهود حملة الكراهية والتحريض على إيذاء (الأغيار) غير اليهود سواء في أوقات الحرب أو حتى أثناء فترات الهدوء.
في العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة نشط حاخامات اليهود في التحريض على قتل وإيذاء الفلسطينيين في حملة الإبادة التي شنها الجيش الإسرائيلي على أهل غزة.
فقد كشفت صحيفة هآرتس العبرية عن مجموعة من الفتاوى والإرشادات الدينية اليهودية التي تلقاها جنود الاحتلال الإسرائيلي من الحاخامية اليهودية العسكرية خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، وجاء في إحدى الفتاوى اليهودية الوحشية مطلوبة من الأغيار (غير اليهود).. اقتلوا النساء والأطفال في غزة.
وكشفت (هآرتس) أن العميد افي رونتسيكي - الحاخام الأول في الحاخامية العسكرية لجيش الاحتلال، وزع كراسات إرشادية على الجنود المشاركين في العدوان على غزة أمرهم فيها بعدم الرحمة مع المدنيين الفلسطينيين.
والحاخامية العسكرية هي الهيئة الدينية المكلفة بتوجيه الإرشادات والمواعظ الدينية للجنود الإسرائيليين.
وقال - عاموس هارنيل - المراسل العسكري للصحيفة العبرية: إن الحاخام رونتسيكي ألقى (مواعظ) أمام معظم ألوية الجيش، التي شاركت في الحرب، لحثهم على التعامل بوحشية مع المدنيين الفلسطينيين، معتبراً أنه لا يوجد مدنيين بين الفلسطينيين.
وحرص الحاخام - رونتسيكي - على جلب عدد من أكثر الحاخامات تطرفاً وعنصرية لإلقاء المواعظ على الجنود قبيل الشروع في العدوان وأثنائه وبعده، منهم الحاخام شاؤول الياهو، الذي أفتى أمام الجنود بجواز قتل النساء والأطفال الفلسطينيين.
ونظراً لأن الكثير من الضباط والجنود الذين شاركوا في العدوان هم من أتباع التيار الديني الصهيوني، فإن الكثير منهم تأثر بمواعظ هؤلاء الحاخامات وعملوا بها.. ولفتت هآرتس إلى أن الجنود والضباط قالوا: (إنهم كانوا يستشعرون الوازع الديني في القتال أمام المقاومة الفلسطينية).
وقتلت دولة الكيان الصهيوني خلال حربها على غزة التي بدأت يوم 27-12-2008م ودامت 22 يوما، 1337 فلسطينياً وجرحت نحو 5300 آخرين، نصفهم تقريباً من النساء والأطفال، فضلاً عن الدمار الواسع.
jaser@al-jazirah.com.sa