من المؤكد أن النصرة بالحديث والثرثرة عبر الشاشات والشات قد كثرت أيام محنة غزة، وهي لا تقدم ولا تؤخر، وربما قيل إنها تفيد للرأي العام الذي لا قيمة له في عالم المصالح والهمود.
إحدى الدول العربية الإسلامية أقامت مهرجاناً قالوا عنه إنه عظيم، وأحياه عدد من الفنانين والفنانات بالغناء إلى آخر الليل لنصرة غزة!
شيء مضحك حقاً؛ ومحزن أيضاً أن يتحول العقل العربي إلى جسد متحرك يهز أعجازا ثقالا للنصرة والمؤازرة، ومتى كان المهتزون في آخر الليل دون شعور وبدون أدب نصرة لأحد؟
خبث العمل وساء التعليل.
نصرة غزة تأتي بالعقل والتحرر من عواطف الجهلة والفاسقين والخبثاء أيضا؛ ولا تأتي عبر حسناوات بشكل مؤقت وفج وهن يهززن الأوساط لنصرة غزة!
غزة عانت وتعاني، والمرأة الغزاوية أشرف وأنظف من الفنانات اللائي لا تساوي إحداهن ظفر عجوز غزاوية تقول بكل ثقة: لن نغادر أرضنا حتى ولو هدموا بيوتنا.
عزة المرأة الغزاوية لا يمكن أن تمثلها عجوز قذرة صبغت وجهها لسهرة الليل وهي تزعم أنها تنصر غزة؛ وعزة الطفل الغزاوي لا يمكن أن يمثلها مائع يهز وسطه وهو يغني حاملاً مكبر الصوت وسط مجموعة فاقدة للهوية والعقل لحظتها.
شيء غريب أن يتصرف أولئك بهذا الشكل الفج ويسمونه نصرة لغزة! فمتى صارت غزة أو غيرها من بلاد الله الطاهرة والطيبة يمثلها تلك الانواع المنحرفة من البشر الذين يزعمون أنهم ينتمون لنا؟ وربما قال قائل: إن مثل هذا الغناء والرقص له دخل كثير يمكن أن يرسل إلى غزة؟ ويمكن أن يستفيد منه إخواننا هناك.
ولكن هل هؤلاء الراقصون بكل بجاحة والراقصات بكل حذف الحياء يرجون أن يصل ما يصلهم لغزة؟ أم أن ذلك لمجرد الدعاية لسهرة المساء؛ ثم يعودون متعبين ثملين وقد نسوا غزة بعد أن جمع المحصلون أقيام الحفل وتوازعوه بينهم؟!!
أعتقد أن غزة وغيرها غنية عن استغلال اسمها في كل شيء حتى حفلات الهز ليلا؛ لأن أمورا تحدث باسم غزة بدأت تخرج علينا بعد أن كثر المصطادون للمواسم الحزينة من أجل فرحهم وثرائهم هم فقط؛ ودون مراعاة لغيرهم ممن هم أكثر رفعة وعزة منهم.
فهل وصل بنا الضعف والخوار لأن يكون واجهة مجتمعنا السليم المترفع عن الدنايا أولئك الأنواع من البشر الذين ينامون النهار ويسهرون الليل بلا حياء ولا حشمة لكي نكون حطاماً لحضارة لم نعرف لها وجها من قبل ولا تمثلنا أبدا؛ ولكي يزعمون أنهم يمدون بالعون؟
abo_hamra@hotmail.com