Al Jazirah NewsPaper Tuesday  27/01/2009 G Issue 13270
الثلاثاء 1 صفر 1430   العدد  13270
نوافذ
الاستعراض
أميمة الخميس

 

في حرب تموز 2006 انتظر الكيان الصهيوني يوما واحدا بعد انتهاء كأس العالم لكرة القدم، ليقوم بهجومه على لبنان، وكأنه يريد أن يستفرد بالشاشة العالمية من خلال استعراض الجبروت والبطش, لأن الأنفاس قبلها كانت مشدودة إلى شاشات كأس العالم، ولن يتأمل أحد رشاقة طائرات الإف 16 وهي تؤدب المارقين، وتدك المنازل والمباني فوق رؤوس ساكنيها من المدنيين.

وفي العدوان الأخير على غزة توقفت آلة الحرب الجهنمية قبل أيام محدودة من حفل تنصيب الرئيس الجديد للولايات المتحدة، فلا يريد أحد هناك أن يبرز وجه الرئيس أوباما من بين الأشلاء والأيدي المبتورة والعيون المبقورة، وركام جثث الأطفال.

يريدون أن يبدو المشهد نظيفا ملمعا لأمريكا الحرية والتغيير المستقبلي، ويبرق فوق الشاشة ميادين واشنطن وقد غصت بالمحتفلين بأول رئيس أسود يدخل البيت الأبيض، أولئك الذين بنوا البيت الأبيض كعبيد هاهم يدخلونه تحت مظلة الدستور الأمريكي كأسياد.

لا نستطيع هنا إلا أن نستجلب نظرية المؤامرة، والأيدي الخفية التي ترتب للاستعراض تلو الآخر داخل شاشة عالمية أصبح جميع العالم مضطرا إلى أن يتابعها، ولكن بفارق بسيط كي يكون لهم استعراض العظمة والقوة والمجد، ولنا المجازر والدمار والجثث.

لا أعتقد أن اختيار توقيت الاستعراض يندرج في نظرية مؤامرة تقترب من (الطرفة)، كتلك التي صرح بها مسؤول في إحدى الدول العربية عن اكتشاف خلية إرهابية ذات شعارات إسلامية، ولكنها تمول من قبل الموساد الإسرائيلي مثلا؟!! ولكن هناك حتما شيء يحاك في الكواليس.

أظهرت إحدى الدراسات أخيرا أنه منذ عام 1991 خسرت الدول العربية 12 تريليون دولار على الحروب، ما بين تسليح وتجييش ومعسكرات ومن ثم إعادة بناء وإعداد البنية التحتية بعد التهديم، أثناء هذا الوقت لم يقع حجر في بنيان الكيان الصهيوني، (إلا إن أردنا أن نسمي الدمار الذي يلي فرقعات صواريخ كاتيوشا والقسام بخسائر).

هذه الأموال اختطفت من ميزانية كان من الممكن أن تقيم مدرسة، جامعة، مستشفى، ومركز بحث علمي أو مركز ثقافي حضاري ينهض بالفرد العربي من دهور تخلفه الحضاري. لكنها جميعها صبت في مرجل حروب متصلة التهمت الأخضر واليابس من مقدرات المكان.

لتبقى أراضينا مسرحا دمويا، لشاشات العالم. فكلما اختار العالم أن يقدم استعراضا للبطش والجبروت والقوة يحبس به أنفاس المتابعين في العالم، ويعلن حدود الإمبراطورية، كانت أرضنا هي المكان الأمثل الجاهز بالممثلين والحواة والمهرجين وكم كبير من الكومبارس المنفذ.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد