Al Jazirah NewsPaper Friday  23/01/2009 G Issue 13266
الجمعة 26 محرم 1430   العدد  13266
الرياضة والتفكير الإستراتيجي
عبدالرحمن الحيزان

 

تتسم الألفية الثالثة بعصر المعلوماتية، عصر المعرفة وعصر الانفتاح العولمي بالانضمام لمنظمة التجارة العالمية والتنافسية الشرسة بظهور الميزة التنافسية.

ولم يعد يوجد مكان في العصر الحديث للبيروقراطية الهيكلية التقليدية.. بجهاز حيوي مثل (قطاع الشباب والرياضة) التي تفكر وتخطط لوحدها وما على العاملين إلا التنفيذ.

إن تميز الإدارة المعاصرة يعتمد على أربعة أركان أساسية وجوهرية تتمثل في القيادة والتنقية والعاملين والنظم. فالقيادة ترتبط بعناصر من ثلاثة أبعاد وهي التأهيل والشخصية والقدرة. أما التقنية فتتمثل بعناصر ثلاثة كذلك وهي ملاءمتها وعصريتها واتساقها.

وأكثر عناصر التميز أهمية كما في القيادة هي وجود عاملين لديهم أبعاد ثلاثة كحزمة محققة للإنتاجية والكفاءة في تعظيم المعرفة والمهارات والسلوك. وأما النظم فتعنى بتوافر السياسات والإجراءات المتسقة والمرتبطة بنظام الحوافز المؤدية بالعاملين لأن يقدموا كل مقدرتهم وصولاً إلى التميز.

إن القرن الحادي والعشرين وإفرازاته في التنافسية وازدياد المخاطر أدى لإدراك ولاة الأمر إلى أن هذا الواقع الذي عاشته المملكة العربية السعودية في القرن العشرين لا يمكن له أن يحقق أي تطوير أو تميز أو إطلاق القدرات التنافسية في المجتمع الانفتاحي عالمي كما هو أمام أعيننا.. إلا بالتسلح بالعلم والمعرفة وتكريس مفهوم البحث العلمي في كافة المناشط الحياتية.. الرياضية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.. إلخ.

من إدراك أهمية الإدارة العليا (top management) في الألفية الثالثة أصبح مطلباً إلحاحياً وضرورة حتمية لا مجال مطلقاً لإغفال أهميتها وهذا يتطلب، بعد الإدراك الذي نلاحظه كل يوم، ضرورة حتمية في بناء الإدارة لتكوين جيل جديد من المديرين المؤهلين عالمياً لهذه المهام المتحدية لبناء مستقيل.

أدركت كل من أيرلندا وفيتنام كدول من فقيرة، وسبقتها دول النمور الست بما فيها الهند هذه الأهمية للإدارة قبل ثلاثة عقود مضت وقد ابتدأت كلاهما تقطف ثمار الإدراك بدخولها عالم الدول الناشئة والتي يشار اليوم إلى إنجازاتها كنوع من المعجزة أمثال اليابان وكوريا وماليزيا والهند وسنغافورا.

والتفكير الاستراتيجي علم وفن رفيع يتمنى حيازتها القادة الإستراتيجيون أن هذا التفكير لا يعني بشكل مطلق بمعايير الذكاء بل على المدى ما يستطيع العقل استغلاله من قدرات إمكانيات وطاقة كامنة ولذلك أسباب عديدة أولها:

للإيضاحية بأن الإستراتيجية الإدارية ليست إلا ابتكارا وإبداعا للإتيان بوسيلة جديدة، منتج جديد، أسلوب جديد مبتكر لإعطاء هذا الابتكار ميزة تنافسية. وثانيها: لأن الإستراتيجية بشكل عام والإدارية منها ليست مجرد استجابة للتغيرات والتقلبات في رعاية الشباب ونشاطاتها للأجل القصير.

بل تهتم باتجاه الرعاية طويل الأجل الذي يتطلب طاقة فكرية. وثالثها: إن الإستراتيجية ليست مجموعة أرقام مجردة أو ميزانية للعام القادم من أرقام العام الماضي أو أغراض بارقة ورغبات وأحلام متفائلة بل هي تفكير خلاق يركز على اتجاه أو مسار الرئاسة العامة لرعاية الشباب بطريقة كيفية وليست كمية طويلة الأجل.

إن مهمة التفكير الاستراتيجي -قبل كل شيء- الإتيان بأفكار إبداعية وابتكارية جديدة ومتميزة تتركز على (ماذا نعمل) بدلا من تركيزنا كإداريين على (كيف نعمل) فإن أكثر ما يقع فيه الإداريون من أخطاء هو تركيزهم على ما يعرفونه نتيجة خبرتهم ومعرفتهم الطويلة مما يؤدي بهم أمن شعور منهم إلى الانتقال للكيفية في عمل الأشياء لأنهم تعودوا عليها أكثر من تعودهم على التفكير بالعمل الذي ترقوا إليه والذي يبعدهم عن العمل التنفيذي الذي يجب تركه للعاملين وكثيراً ما يحدث عند التفكير بمنهج ونهج حديث.

لدخولنا إلى مجال التفكير الإنساني كركيزة لحسن استخدام العقل وتوظيف هذه الطاقة العقلانية كعنصر محفز لإدارة الابتكار والإبداع من أنماط التفكير الأربعة المتعارف عليها عالمياً وهي التفكير المنطقي والتفكير الخلقي والتفكير الأجنبي والتفكير العاصفي.

أكثر الاستنتاجات أهمية للمديرين السعوديين في كيفية الاستفادة من هذا المنهج في التفكير الاستراتيجي وصولاً إلى نهج منطلق من البيئة العربية في استحداث التغيير وإدارته بابتكارات لمنتجات وأساليب ونشاطات ومشتقات جديدة تنتج كقيمة مضافة من هذا التفكير الخلقي. كما قد يستنتج المديرون السعوديون أن لهذا المنهج افتراضات سلوكية في المشاركة والتفويض والتمكن لأنه بدون هذا النهج السلوكي الإيجابي لتفكير أن ينطلق إلى حيز التنفيذ.

التفكير الاستراتيجي بتعريف واضح يهدف إلى مساعدة الرئيس العام لرعاية الشباب لصياغة الإستراتيجية عن طريق توضيح الرؤيا والبصيرة التي تكونت لديه إلى جميع نوابه ومساعديه ومديري القطاعات حتى يتم تطبيق وتنفيذ هذه الإستراتيجية.

وبمعنى آخر يركز التفكير الاستراتيجي كعملية منهجية لصياغة وبناء أهداف (رعاية الشباب) وتنفيذ الإستراتيجية المتفق عليها من الفريق الإداري المشارك لأن هذا الفريق قادر ومدرك وملتزم بتنفيذ ما ساهم في إعداده وليس قراراً من سلطة عليا يوجه له الأمر بالتنفيذ.

فالتفكير الاستراتيجي أو الرؤيا المستقبلية -كما سبق وأن عرفناها- عملية ذهنية وفكرية للشكل الذي ستكون عليه (قطاع الشباب والرياضة) بعد عشر سنوات. إنها عملية عقلية لمحاولة رسم صورة بما ستكون عليه البيئة العامة للرياضة بعد عشر سنوات بحاجتها ورغباتها ومتطلباتها وإمكانيات تشكيله.. وأخيراً ليس آخراً.. بدون التفكير الاستراتيجي والأخذ بالمنهج العلمي لا يمكن أن نتقدم أو نخطو خطوة لأفاق العالمية ومواكبة حقبة العولمة الرياضية. والله الموفق.

متخصص في شؤون الإدارة



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد