أشعر بمرارة وأسى كلما أخذني الهم العربي المتصاعد بقسوته القاتلة إلى متابعة ومشاهدة ما تبثه الفضائيات من صور ومشاهد تقطر دماً عن حال أمتنا، سواء في فلسطين أو في دول عربية أخرى، بما يشعرني - كغيري - بقلة حيلتنا وضعف حالنا وتنامي الفرقة والخلافات فيما بيننا، دون أن يكون هناك مَن يسمع ويستمع لصوت العقلاء منا.
***
وأُصاب بانكسار وخجل، وهزيمة في داخلي، كلما تذكرت الخلافات العربية - العربية، وسوء التنسيق فيما بين الدول العربية مجتمعةً، وتأكد لي أن بعض دولنا لا تختلف في سياساتها ومواقفها عن السياسات والمواقف لدول معادية لنا، سواء أتت هذه التوجهات عن جهل أو عن قناعة وإيمان.
***
ولا شيء أكثر أسىً وألماً على النفس من أن يرى المرء هذه الأمة وهي تمرُّ بمفترق طرق؛ بين أن تحافظ على حقوقها أو تفرط بها، في ظل هذه الانقسامات في السياسات والتوجهات بين الدول العربية؛ فإذا ببعضها تختار الطريق الأسوأ وتنحى بذلك نحو ما يقوِّض كل ما أنجزته أمتنا على مدى تاريخها.
***
فعلى مدى أقل من أسبوع كانت هناك قمم عربية تُعقد، ولقاءات على أعلى مستوى تتم في عدد من الدول العربية، دون أن يُسمع لكثير منها صوت أو يُستجاب لها طلب، وهذا طبيعي طالما أن حال الأمة من الهوان والضعف وقلة الحيلة والانقسامات بمثل ما نراه الآن.
***
وإذا كان من أمل قد بقي لنا كي نخرج من هذا النفق المظلم، فإن الدول التي اختُرقت صفوفها من دول لا تريد الخير لها، ولا تحبنا، وليست في وادي الحرص علينا، مدعوة إلى العودة إلى ما كانت عليه مع أشقائها من وفاق وتعاون، وإن مؤتمر الكويت ربما يكون الفرصة الأخيرة لتصحيح هذا المسار، وتجنب ما هو آت من صراعات لا تلبث أن تشكل حقلاً من الألغام المدمرة لصالح إسرائيل.
***
إن أمتنا العربية، وحيث تعقد اليوم القمة العربية في الكويت، تضع آخر آمالها في رقاب قادتها بعد أن بلغ السيل الزبى من الخلافات التي استثمرها الأعداء في قتل الأبرياء في فلسطين والعراق، وزرعوا من خلالها كل العناصر التي تؤدي إلى التخلف والتقهقر والتراجع في عدد من دولنا العربية، وذلك في ظل انشغالها بمعاركها الجانبية والعدوان المتكرر والمتواصل، والتي ما كان لها أن تكون لو كانت قياداتنا العربية في سياساتها وتعاونها مجتمعةً في موقف زعيم واحد.
***
ولا أحسب أن أولئك الزعماء العرب الذين خرجوا على إجماع الصف العربي واستسلموا طائعين لإغراءات وطروحات وأفكار من غيرهم، قد غاب عن أنظارهم الآن ما حصدوه وحصدته الأمة من نتائج تمثلت في الواقع المرير الذي تمر به القضية الفلسطينية، وليس فقط ما أسفر عنه العدوان الإسرائيلي الغاشم على أهلنا في غزة.
***
إننا نتطلع إلى القمة العربية التي تعقد اليوم في الكويت بأمل كبير يعززه الشعور بالمسؤولية بأن يعود الجميع إلى الوحدة والتلاحم، وفتح صفحة جديدة من التعاون والتفاهم، والالتزام بالسياسات التي تفوت على العدو تحقيق أهدافه، وتقودنا إلى استرجاع حقوقنا المشروعة وفي طليعتها إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.