Al Jazirah NewsPaper Monday  19/01/2009 G Issue 13262
الأثنين 22 محرم 1430   العدد  13262
استعرض موضوع التلفيق وحكمه في الفقه الإسلامي في جلسته الثانية
المؤتمر العالمي للفتوى وضوابطها يناقش الاجتهاد الجماعي وأهميته

 

مكة المكرمة - عمار الجبيري

عقد المؤتمر العالمي للفتوى وضوابطها، الذي ينظمه المجمع الفقهي الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين في الفترة من 20 إلى 23-1-1430هـ جلسة عمله الأولى بمكة المكرمة لمناقشة محور: (الاجتهاد الجماعي وأهميته في مواجهة مشكلات العصر) بحضور سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس المجلس التأسيسي للرابطة، ومعالي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي عضو هيئة كبار العلماء، الأمين العام للرابطة، وفضيلة الدكتور صالح بن زابن المرزوقي البقمي عضو مجلس الشورى، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي، وقد تولى الدكتور عثمان بن إبراهيم المرشد مهمة المقرر.

وترأس الجلسة، معالي الدكتورعصام بن أحمد البشير، وزير الأوقاف والإرشاد السابق في جمهورية السودان، وتحدث فيها معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، وفضيلة الشيخ محمد تقي العثماني، وفضيلة الأستاذ الدكتور وهبة مصطفى الزحيلي، وفضيلة الأستاذ الدكتور شعبان محمد إسماعيل، وفضيلة الدكتور أحمد الريسوني، مستعرضين بحوثهم في موضوع الاجتهاد الجماعي وأهميته في مواجهة مشكلات العصر.

وقد شرح الباحثون مفهوم الاجتهاد وأنه يهدف إلى تحصيل حكم شرعي سواء كان ذلك متعلقاً بقضية عامة أو خاصة، ولا يشترط أن يتم ذلك من خلال هيئة أو مجمع، وبيَّنوا أن واقع الاجتهاد الجماعي المعاصر من خلال المجامع الفقهية وهيئات الإفتاء يشهد بأن هذا الاجتهاد لا يقتصر على الأحكام والمسائل الفقهية وإنما يتجاوز ذلك إلى بعض القضايا والوقائع غير الفقهية كمسائل العقائد وأصول الدين مثل الحكم على بعض الفرق كالقاديانية والبهائية.

وأكد أصحاب الفضيلة الباحثون أن للاجتهاد الجماعي أهمية بالغة - خاصة في عصرنا الحاضر- في ضبط الفتوى والبعد بها عن الشطط والاضطراب، مشيرين إلى أن الاجتهاد الجماعي - ولا سيما في ظل المجامع والهيئات الفقهية القائمة - يُعد نتاجاً لتفاعل جمع من العلماء المجتهدين والخبراء المختصين وتكاملهم وتشاورهم، وثمرة لتقليب وجهات النظر المختلفة والآراء المتعددة في القضية محل الاجتهاد، وبهذا فهو أقرب إلى الحق وأدعى للقبول والاطمئنان.

وأوضح الباحثون أن المجامع الفقهية أسهمت بشكل فاعل ومؤثر لا في تحقيق الاجتهاد الجماعي فحسب بل في ترسيخه مفهوماً قائماً بذاته ومصطلحاً مستقلاً عما سواه وممارسة عملية منظمة، عمادها البحث العميق والاجتهاد الأصيل والدليل المتين، والبُعد عن الشبهات والريب، في مشورة علمية ناصحة من أهل علم أخيار أكابر تشدهم آصرة التآخي، وتقوي علاقاتهم الآمال في وحدة الأمة.

وقد خلص الباحثون إلى أن العلاقة بين الاجتهاد الجماعي والفتوى هي أن الاجتهاد الجماعي وسيلة والفتوى نتيجة، وأن هناك فرقاً بين الوسيلة والنتيجة، على أن ذلك لا يمنع وجود أوجه من التشابه بينهما خارجة عن ماهية كل منهما، وأبانوا أن أهمية الاجتهاد الجماعي في ضبط الفتوى وتنظيمها تظهر من خلال ثلاثة جوانب هي:

1 - إن الاجتهاد الجماعي أقرب إلى الحق وأدعى للقبول والاطمئنان.

- إن الاجتهاد الجماعي وسيلة لتنظيم الاجتهاد ومنع غير المختصين من الخوض في غير اختصاصهم ولا سيما بعد ظهور التخصص العلمي.

3 - كثرة النوازل المستجدة في هذا الزمن واتصافها بطابع العموم والتشعب.

وفي ختام الجلسة أجاب أصحاب الفضيلة الباحثون على أسئلة المشاركين في مناقشة المحور الأول للمؤتمر، كما علق عدد من العلماء مبدين آراءهم بما تم عرضه من خلال مداخلات أثرت الجلسة بكثير من الآراء.

التلفيق وحكمه في الفقه الإسلامي

في الجلسة الثانية ناقش أصحاب السماحة والفضيلة المشاركون في المؤتمر العالمي للفتوى وضوابطها، محور (التلفيق) وذلك بحضور سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس المجلس التأسيسي للرابطة، ومعالي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي عضو هيئة كبار العلماء، الأمين العام للرابطة، وفضيلة الدكتور صالح بن زابن المرزوقي البقمي عضو مجلس الشورى، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي.

وقد عقدت الجلسة برئاسة فضيلة الأستاذ الدكتور وهبة مصطفى الزحيلي، وشارك فيها الدكتور عبد الله بن محمد السعيدي، والدكتور غازي بن مرشد العتيبي، والدكتور جبريل بن المهدي ميغا.

وقد بيَّن الباحثون أن التلفيق ظهر في القرون المتأخرة وهو فرع من فروع التقليد، والمراد به التقليد المركب من مذهبين فأكثر في مسألة عملية واحدة.. وقد فسره بعض الباحثين بمراعاة الخلاف، وجعله بعضهم بمعنى تتبع الرخص وخرّجه بعضهم على مسألة إحداث قول ثالث.

وبعد عرض آراء الفقهاء من خلال البحوث التي تم استعراضها في الجلسة خلص الباحثون إلى أن التلفيق لا يجوز للمجتهد قصده من غير نظر في الأدلة المعتبرة، بل يجب عليه أن ينظر فيها، فما أداه اجتهاده إليه عمل وأفتى به، وإذا توصل إلى رأي فيه تلفيق بين قولين أو أكثر فلا تثريب عليه لأن التلفيق حصل تبعاً لا بالقصد الأول.

وإذا عجز عن معرفة حكم المسألة إما لعدم وقوفه على الأدلة، وإما لتعارضها في نظره، فإنه يلجأ إلى التقليد الذي لا تلفيق فيه.

وبيَّن أصحاب الفضيلة أن العامي يجب عليه سؤال أهل الذكر، ولا يجوز له التلفيق لأنه لا يرجح قولاً على آخر أو يلفق بين قولين إلا تبعاً لهواه وشهوته، ولو قيل بجواز التلفيق له لكان ذلك فتحاً للإباحية من أوسع أبوابها.

ولما كان من أبرز ما اعتمد عليه بعض من أجاز التلفيق أنه سبب للتيسير الذي هو من أعظم المقاصد الشرعية، وذلك من خلال مراعاة ضرورة المستفتي وحاجته، أو ضعف دينه وحاله، أو سعي المفتي في تصحيح عبادة المستفتي أو معاملته، فقد بيَّن الباحثون أن التيسير مقصود شرعي يجب على المفتي أن يراعيه في حدود الضوابط التي دلت عليها الشريعة بأدلتها الجزئية أو الكلية، وأن المكلف لا يقع في أمر يقتضي التيسير إلا وفي الشريعة الرحبة ما يدل على التوسعة فيه من غير حاجة إلى تلفيق أو غيره ولهذا لم يحتج الفقهاء خلال قرون متطاولة إلى التلفيق مع كثرة النوازل والوقائع التي حدثت في زمانهم.

بعد ذلك عرض المشاركون في الجلسة آراءهم بالبحوث التي تم استعراضها من خلال مداخلات أثرت المحور بآرائهم ومن ثم أجاب الباحثون على الأسئلة التي عرضت عليهم في الجلسة التي كان فضيلة الدكتور فهد بن سعد الجهني مقرراً لها.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد