موفد الجزيرة إلى الكويت - فهد العجلان
تبدو الأرقام المتواضعة التي تكشف عنها الإحصاءات العربية للواقع الاقتصادي متواضعة جدا بالنسبة إلى التطلعات الكبرى التي يعلقها العرب على قمة الكويت الاقتصادية، حيث ينتظر الجميع إعلان الكويت الذي سيخط مسار الاقتصاد العربي الجديد، ودعت وزيرة مغربية القمة العربية إلى عدم تبني الحلول الترقيعية للمشاكل التي يتخبط فيها العالم العربي من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، مشيدة في الوقت ذاته باختيار بحث آفاق تجاوز الأزمة المالية العالمية خلال هذه القمة. وقالت وزيرة الثقافة المغربية ثريا جبران اقريتيف إن الوضع العالمي اليوم يتطلب الحزم واتخاذ القرارات الصائبة، مؤكدة أن القمة تمثل منعطفاً حاسماً لتعزيز التواصل والحوار بين مختلف الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين والثقافيين وتطوير العمل العربي المشترك.
إلى ذلك شخّص اقتصادي ل(الجزيرة) الواقع الاقتصادي العربي عشية اجتماع قمة الكويت الاقتصادية، مؤكدا أن التطلعات لإحراز تقدم كبير في تحسين الوضع الاقتصادي العربي قد تصطدم بعقبات كثيرة وبيانات إحصائية، وقال طلعت حافظ المستشار الاقتصادي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية إن انعقاد المؤتمر الاقتصادي العربي لأول مرة هو إنجاز عربي مهما كانت الصعوبات التي تحيط بهذه القمة التي طال انتظارها، مشيراً إلى أن الإنصاف يفترض عدم النظر إلى هذه القمة على أنها قادرة من أول مرة على اتخاذ قرارات اقتصادية كبيرة، فهي القمة الأولى على المستوى الاقتصادي العربي، وتعقد في ظل اختلافات وخلافات عربية تجعل الوصول إلى قرارات صالحة للتنفيذ أمرا يصعب تحقيقه من المؤتمر الأول، ويضاف إلى ذلك التداعيات الحالية على المستوى السياسي والإقليمي التي تزيد من الخلافات بين الدول وتجعل مظاهر الاختلاف أكثر من فرص الاتفاق، علاوة على الأزمة الاقتصادية العالمية، فهذا المؤتمر سيكون بمثابة عصف ذهني ووضع رؤوس أقلام للتحديات والمشاكل الاقتصادية العربية.
وقال حافظ إنه برغم ذلك ينظر إلى القمة الاقتصادية العربية بوضعها الحالي على أنها فرصة جيدة في مسيرة الوحدة الاقتصادية العربية، فعلى الأقل سوف تحرك الموضوعات الاقتصادية الساكنة والملفات العالقة مثل: الاتحاد الجمركي، السوق العربية المشتركة، التجارة البينية، المنطقة الحرة، وغيرها. وقد تكون خطوة أولى نحو تشكيل الوحدة الاقتصادية التي سوف تجعل العالم العربي قوة اقتصادية وسياسية رابعة على مستوى العالم. ويضيف أن نجاح القمة الاقتصادية العربية مرهون بشكل خاص بتخلي الدول العربية عن النظرة القطرية، والتحلي بنظرة عربية شمولية تقودها المصلحة الاقتصادية الشاملة للوطن العربي، وهو لا يغفل بذلك عن الاختلافات الواقعية بين الدول العربية وبخاصة فيما يتعلق بالهياكل الاقتصادية والتي من شأنها أن تؤدي إلى وجود خلافات بين الدول، فعلى سبيل المثال هناك دول تنظر إلى الضرائب والرسوم الجمركية بأنها مصدر دخل أساسي لها، ومن ثم كانت المطالبة بالتخلي عن الضرائب لرفع مستوى سقف التجارة البينية بين الدول العربية سوف يتسبب في ضرر يقع على مثل تلك الدول، ولذلك يجب النظر إلى الأمور والمشاكل المتواجدة حالياً بالنظرة الشمولية التي سوف تصب في صالح جميع الدول العربية ككتلة اقتصادية واحدة. الأمر الذي يجب معه التركيز في المرحلة الأولى على إعادة النظر في الإجراءات التنظيمية والإدارية التي يمكن تعديلها أو توفيقها بما يتلاءم مع المصلحة العامة العربية، مع ضرورة العمل على القضاء على البيروقراطية التي تعرقل الخطوات الإصلاحية في الدول العربية.
ويعدد اقتصاديون أهم القضايا العربية التي تعرقل النمو العربي بشكل عام في الفقر المنتشر في الدول العربية، حيث يعيش نصف مواطني العالم العربي على أقل من دولارين في اليوم، وقوة العمل لا تتجاوز نسبتها 30 في المائة من إجمالي السكان العرب، كما لا يمكن تجاهل هجرة العقول العربية إلى الخارج والتي تقدر بنحو 54 في المائة من المواطنين العرب الذين يدرسون في الخارج ثم لا يعودون إلى بلادهم بعد الانتهاء من دراستهم، وأن ما نسبته نحو 50 من الأطباء العرب يهاجرون إلى خارج بلادهم بحثاً عن فرص عمل وبيئة وظيفية أفضل، كما أن الإنفاق على البحث العلمي لا يتجاوز نسبة 0.2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي القومي بينما في دول أخرى مثل السويد واليابان وفرنسا تصل إلى نحو 3.6 في المائة، 2.7 في المائة، 2 في المائة على التوالي.
ويؤكد الخبير الاقتصادي طلعت حافظ أن أهم الأولويات الحالية التي يمكن البدء بها في المرحلة الأولى هو تنمية التجارة العربية البينية بين الدول العربية والتي لا يمثل حجمها حالياً أكثر من 12% من الناتج المحلي الإجمالي العربي، رغم كبر حجم وتنوع الاقتصاديات العربية بشكل يجعلها قادرة على تأسيس بنية تجارة عربية ناجحة، إذا تمكنت هذه القمة بوضع إطار زمني للتخلص من العقبات التي تحول من نمو هذه التجارة العربية البينية، مثل: القيود الجمركية، والضرائب، وبيروقراطية الإجراءات الفنية والإدارية، والمشكلات السياسية، والمواصفات والمقاييس، ومعايير الجودة والنوعية، ورخص الاستيراد والتصدير، وقواعد المنشأ.