أعلنت إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة من جانب واحد، وهذا يعني استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، لأن وقف إطلاق النار لا يذكر انسحاب القوات الإسرائيلية وفتح المعابر ورفع الحصار عن أهل غزة، وقد أعلنت تل أبيب أنها لن تدرس وضع جدول زمني لسحب قواتها من غزة إلى أن يوقف نشطاء حركة حماس إطلاق النار، لأن إسرائيل ستعاود هجومها إذا ما استمرت حماس في إطلاق الصواريخ..
وهكذا فإن العدوان الإسرائيلي لم ينته عملياً، بل يمكن استمراره وتصعيده في ظل رغبة الطرفين المتواجهين (إسرائيل وحلفاؤها) وحماس ومن وراءها في تحقيق أهدافهما من وراء اندلاع القتال الأخير في غزة.
فإسرائيل كما أعلنت قبل بدء العدوان تهدف إلى إنهاء حكم حماس لغزة، ووقف إطلاق الصواريخ على جنوب (إسرائيل) في حين سعت حماس لتكريس (حكمها) لغزة والاعتراف بها كطرف ممثل لغزة في مباحثات أو مفاوضات لوقف إطلاق النار وفتح المعابر ورفع الحصار، أي تكريس حركة حماس كممثل للفلسطينيين، أو على الأقل شريك مساوٍ للسلطة الفلسطينية أو بديل إذ غابت السلطة مثلما حصل في اجتماع الدوحة التشاوري.. ولهذا فإن إسرائيل اتخذت قرار وقف إطلاق النار من جانب واحد ولم تعلنه ضمن اتفاق أو المباحثات التي جرت في القاهرة بين إسرائيل وحماس، وكان يديرها من مصر مدير المخابرات عمر سليمان ومثل إسرائيل فيها الجنرال عاموس ووفد من حماس.
إسرائيل أدارت ظهرها لمباحثات القاهرة حتى لا تمنح حماس صفة تفاوضية، وضربت عصفورين بحجر بإعلانها وقف إطلاق النار من جانب واحد بتصويرها وقف إطلاق النار بأنه استجابة للنداءات الدولية بعد تفاقم الأوضاع الإنسانية..! وإسرائيل بهذا الفعل تكون قد أوقفت الضغوط الدولية التي لم تكن حاسمة وقوية وفي الوقت نفسه لم تحقق لحماس أهدافها، كما أنها لم توقف العدوان عملياً..!!
ومع هذا يخرج علينا المتحدثون من دمشق وطهران وبيروت ومن غزة يعلنون الانتصار على إسرائيل..!!
ولا ندري ما هو الانتصار الذي تحقق..؟!!
هل الانتصار في استشهاد ألف وأربعمائة فلسطيني؟.. هل في ترويع أهل غزة الذين ظلوا يتنقلون من مخبأ إلى آخر، وأطفالهم يسكنهم الخوف والهلع، محرومين من الأكل والشرب.. حتى رغيف الخبز شح وأصبح الحصول عليه معاناة تتطلب الوقوف طوابير تضم المئات..!!
هل الانتصار في تدمير البنى التحتية لقطاع غزة الذي أعيد سكانه إلى القرون الوسطى بعد تدمير شبكات الكهرباء وشبكات المياه والمجاري وتدمير المباني السكنية والمدارس والمقرات الحكومية ومراكز الشرطة و20 مسجداً..!!
هل الانتصار الذي أخذ يرفعه من يخوضوا النضال من فنادق الخمسة نجوم في تدمير غزة الذي يحتاج إلى مليارين ونصف المليار من الدولارات لإعادة البناء.. انتصار..؟! يشعل المحرضون الحروب.. وتشعل إسرائيل العدوان.. والعرب يدفعون.. عرب يدفعون الدماء.. وعرب يدفعون الأموال.
jaser@al-jazirah.com.sa