Al Jazirah NewsPaper Monday  19/01/2009 G Issue 13262
الأثنين 22 محرم 1430   العدد  13262
بين قولين
الشفط
عبدالحفيظ الشمري

 

الشفط في اللغة كما تقول السير والحكايا: هو نوع من الجذب والتملك بشراهة، وقد دخل علينا مع نوافذ شره المادة، وحب الامتلاك لأي شيء، فقد باتت شريحة كبيرة من محبي المال يمارسون الشفط حتى للقيم الإنسانية، من خلال مساومتهم لمن حولهم بقصد جني المال وتكريسه لهم، بل يعملون ليل نهار على موت الضمير، والقضاء على أي مشهد إنساني يرتبط بمسيرة البحث عن الرزق.

وأنواع الشفط كثيرة ربما يكون أكثرها سوءاً في الرائحة هو الشفط الذي لم نحل فيه بعد أمر الأحياء الجديدة ولاسيما الشمالية في الكثير من المدن في بلادنا، لأن مشاريع الصرف الصحي قد تم تعيين نوع من المؤسسات والمقاولات التي تسير كالسلاحف لشدة بطنها وتراخيها في إنجاز الأعمال، كما ان الشفط هو عملية مؤذية للحاويات الغبراء وهي تفح أسن الشفط في كل شارع من شوارع مدننا التي تنتظر قطار الخدمات السائر بتثاقل.

ولم يكن الشفط مختصراً على الرجال إنما بنات حواء اندمجن في أدوار لا بأس فيها من الشفط، حيث باتت هذه الممارسة جزءاً من عالم الموضة هذه الأيام في المستشفيات الخاصة، ومراكز العلاج المتمثلة في شفط الدهون، وإذابة الشحوم، ودعك الأورام التي تخلفها تخمة المآكل، وكثرة المشارب الفوارة والطيارة، وما إلى ذلك من بلاء يسمى الشبع.

كما أن شفط الجيوب بات واضحاً في كل مكان.. في الملاهي، والمطاعم، وأماكن الترفيه، حتى ان سوق الخضار لم يسلم من وسائل وسبل الشفط التي بات يتفنن فيها من أصيب بشره البحث عن المادة.

أما أسباب الشفط فإنه يعود إلى سلوك فطري جشع، وولع مادي مفرط، وطريقة جنونية في البحث عن المال، حيث يظل التاجر الجشع، والمرابي النهم لا يتورع عن شفط أي شيء يدر المال، أو يجلب الدراهم والدنانير والدولارات والريالات، فله وسائله الخاصة، وحيله الملتوية في الشفط من عباد الله حتى وإن كان هذا المال يسيراً وقوتا للبسطاء الكادحين، وهو ما يوسم ب(شفط الجيوب) وهو بيت القصيد وباحته، ونوافذه، وجدرانه.

والغرض العام من حالة الشفط المستفحلة يتلخص في كون هذا الشفط له نوايا وطوايا حاذقة توقع في كل من حوله، فلا يعرف (الشافط) في هذه الدنيا إلا شعاراً واحداً هو المادة وشفط المال، فبعد أن يكون عبداً للمادة وخانعاً لها يموت القلب، ويهجع الضمير، فلا يبالي بما يحدث حوله، فقد يرقص، ويهز الوسط والعرض والكتفين ويتغنى بأمجاد واهية وخائرة حتى وإن كان حوله عشرات الأبرياء يذبحون على نحو ما يفعل بأهل غزة الأبرياء.



Hrbda2000@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد