نوَّارة.. عند المدلهمات تأتينني كما تفعلين في المفرحات..
وعلى قلة الأخيرة فإنك غالبا ما تنتصبين أمامي في هذه المآزق التي تعبر بها البشرية للمرة الأولى.. على الأقل في تجربتنا القائمة..
مثل ما هي عليه هذه التجربة البشرية في مأزق غزة القائم كانت مجرد صور في مخيلة المبتكرين لخيوط الروايات البوليسية أو الأحداث التاريخية في معارك الأمم.. كنت كلما انهمكت في قراءة رواية منها داهمني صوتك: هيا للغداء أو العشاء أو لحين قيلولة أو رحلة خارج الدار..
كنت دوما أجيبك: دعيني فليس ثمة ما يخرجني من جوف عالم ترسمه المخيلات بتفوق أكاد أن أغرق في بحر من السؤال عميق: كيف يفعلون، من يقصون عن الحرب، والشر، ويحكمون خيوط القص حول الجرائم، ويشكلون شخصيات السفلة من الأوغاد الحاقدين كانوا يخيفونني، وفي طلعتي كنت غالبا ما أهجع إليك عند حلكة الليل أتخيل الأحداث التي صيغت فأستيقظ وقد أخفيت عني ذلك الكتاب الذي زجني بعيدا عن مكاني، لأجدك قد استبدلته لي بقصة أخرى فأفهم ما تريدين...
لكن بقي يلاحقني السؤال: أيعقل أن يكون المبدع لقصص الجرائم مجرما؟ تسري في داخله جينات الشر؟ أم يبقى ذلك المبدع صاحب الخيال الذكي الذي يقلده المحتذون مسارب الإبداع في القص؟.
اليوم يا نوارة يتشخص لنا من الأخيلة ما بالغ في تطبيقها البشر كما لم أتوقع أن نمر بمثل هذه النماذج من الفاحشين في الشر..
أهكذا هو مستوى الإيغال في الشر والجريمة يا أماه..؟
الله.., ما أعذب هذا النداء يرطب أثر القسوة التي أصابونا بشظاياها.., فدمروا خضرة الخيال.. وأحرقوا نسائم الجمال...
لكن بالتأكيد أقسى ما فعلوه وخلفوه هو أن يكون الإنسان.., فالأرض التي تقله، فالماء الذي يرويه.., فالشجر الذي يمتعه ويغذيه هم ضحاياهم..
وصوت الديك يصدح.., فيما هناك القذائف تهتك وتحرق ظلمة السحر..
علمتني يا نوارة أن أستسقي رحمة الله في الأسحار..
أتدرين بأنني قد باركت صوت الديك..
سمعته يستسقي رحمة الله تعالى أو هكذا تخيلت..
ثمة بارقة يتيمة لجمال الخيال..