كثيرا ما أسمع عند حضوري معرضا من المعارض التشكيلية عبارات المديح التي تهدى لصاحب أو صاحبة المعرض من جيل الشباب بحضورهم أو بما يكتب في دفتر زيارات المعرض أو ما يقدم به الكتيبات أو النشرات المصاحبة له، في حال غياب الناقد الجريء صاحب الرأي الصادق في الأعمال المعروضة مما أتاح انبعاث نوعين لا ثالث لهما من المتحدثين عن الأعمال من زوار المعرض الأول (مجامل) والآخر (جاهل)، ومع ذلك يمنحون صاحب المعرض أوسمة التميز والنجاح أو يسطرون له عبارات التفرد بأن لا مثيل له على الساحة، فالمجامل قد يكون ممن لهم صلة بالفن أو من الفنانين أو ممن شهد لهم بالقلم أو الرأي الفني إلا أن لسانه ينعقد أمام صاحب أو صاحبة المعرض نتيجة ما منح من تكريم وتقدير تمثلت في دعوته للحضور وما سبقها من مديح له أن رأيه مهم وله تأثير على مستقبل صاحب المعرض.
وإذا كان الرأي الصريح والتشجيع وتبيان محاسن ما يشاهد من أعمال يعد إساءة فإن ما أسمعه في تلك المعارض التي تشتمل على أعمال خارج سرب الإبداع أو عن ألف باء الفن التشكيلي من عبارات منتقاة بعناية من قبل المتحدث يأخذها صاحب أو صاحبة المعرض مأخذ الجد فيصبحون بها فنانين كبارا لا يشق لهم غبار يتحولون بعدها إلى نقاد ومنظرين مع أن تجربتهم أو دخولهم الساحة لا يتعدى مشاركات متواضعة بمعرض أو معرضين لم تتضح الرؤية فيهما، لا يجد فيهم المتابع إلا محاولات لا تخلو من المغامرة لعل وعسى أن تصيب الهدف.
وإذا كنا قد أشرنا للمجامل فالحديث عن الجاهل أعظم إيلاما على الجسد التشكيلي كون الجاهل يدعي الفهم ومعرفة ما يراه من ممارسات عبثية على اللوحة أو أعمال ليست لصاحب أو صاحبة المعرض فيلبسونهم ما ليس لهم من صفات هي في الحقيقة إساءة لصاحب المعرض على وجه الخصوص وللساحة بشكل عام، فصاحب المعرض يستمر على ما هو عليه من تدن في المستوى انخدع فيه برأي المجامل أو الجاهل والساحة تبتلى بمثل هذه النوعية من مدعي الفن.
العجيب في الأمر أن بعض من دخلوا الساحة يخلطون بين حب الفن والإعجاب به وبين القدرة على ممارسته ولهذا وجدوا أنفسهم في فضاءه الواسع دون زاد ولا بوصلة يتنقلون من جهة إلى أخرى لعل وعسى أن يجدوا سبيلا للخروج من المأزق.
نحن لا نلوم مثل هؤلاء المجتهدين أو من لا يرون في فهم معنى الإبداع أكثر من حدود رأس الأنف أو أنهم يرون ما يقدمونه من محاولات يعد فن معاصر وحديث رغم خلوه من ادني شروط المعاصرة والحداثة وبقائه في حدود العبث، لكننا نلوم من خدعوهم بقولهم إن فعلهم صالح للاستمرار.
MONIF@HOT MAIL.COM