لا أحد يعترض إطلاقا على محاكمة الإرهابيين والمجرمين والمفسدين في الأرض بل وقتلهم، ولقد طالبت أكثر من مرة بأن ينضم لهؤلاء من يُدخل لبلادنا الأدوية الضارة بالصحة أو المعدات الخطيرة والأجهزة الكهربائية الرديئة والأسلاك المهترئة كالتوصيلات والمقابس المقلدة غير المصرح بها، أو الملابس غير المحتشمة التي يكون من نتائجها إما التسمم أو الحريق أو الموت أو تفشي الفساد. وعتبت كثيرا على من يسكت عما يضر بصحة الناس ويكتفي بالتحذير فحسب وكأنه برأ ذمته ونفض عنه وخزات الضمير وتوسد الراحة والسكينة.
أقول ذلك بعد قراءتي لتحذير مدير مركز معلومات الأدوية في كلية الصيدلة بجامعة الملك سعود الدكتور محمد العريفي من دواء يروج على نطاق واسع في مدارس البنات الثانوية يسبب الفشل الكلوي وتليف الكبد.
ولم يأتِ التحذير رسميا إنما جاء خلال حديث للدكتور العريفي أثناء ندوة التسمم الغذائي المقامة في مركز الأمير سلمان بالرياض حيث قال: (إن دواء (ميريت) لتخفيف الوزن المصنع في إندونيسيا غير مصرح له ومع ذلك ينتشر انتشارا واسعا) كما أضاف عميد كلية الصيدلة الدكتور يوسف العسيري بأن 50% من حالات التسمم التي سجلها مركز معلومات الأدوية والسموم في خدمة المجتمع لأطفال دون الخامسة، محملا الأسرة مسؤولية ذلك.
إن تحميل الأسرة المسؤولية هو ما يمكن أن يفعله هؤلاء المختصون بالأدوية حسب إمكانياتهم وصلاحياتهم، ولكنني لن أتبع طريقتهم بالتحذير، لأن الحقيقة أن مسؤولي الجمارك ووزارتي التجارة والصحة يشتركون في تحمل مسؤولية دخول دواء غير مصرح له، وتجاوزه إجراءات الفحوصات المخبرية وبيعه وتداوله!
إن هذه الأدوية الضارة لا تعدو عن كونها هجمة شرسة على أبنائنا من لدن بعض التجار عديمي الذمم، مع تهاون الأجهزة الرسمية عن القيام بالدور المناط بها. وها هو دواء ميريت - إن لم ننتبه له - سيعيث في أجساد بناتنا مسببا فشلا كلويا وتليفا في الكبد، بدعوى الرشاقة والجمال، ويغلف هذا المفهوم جهل مطبق وتقليد لغيرهن دون اتباع الطرق السليمة للرشاقة والنحافة.
ولست أعلم كيف يعاود شبابنا الوقوع فريسة لهذه المستحضرات كما وقع بعضهم في قبضة مروجي المخدرات وتجارها الذين لم يسلم المجتمع من شرورهم، فلا زال هناك من يروج ويوزع الحبوب التي تساعد على السهر ومداومة المذاكرة، ولم يعلموا أنها تستنزف عقولهم وفكرهم وصحتهم.
وكنا نتوقع أن بناتنا في المدارس - بالفعل - في أيد أمينة؛ إلا أن هذا الأمر ينبئ عن إهمال حاد تشارك فيه وزارة التربية والتعليم حيث تفتقد مدارسها التوعية والتوجيه والإرشاد للطالبات، وتكتفي فقط بتفريع معلمات للمحاضرات الدينية وعذاب القبر فحسب! ولا اعتراض على ذلك إلا أنه يلزم معالجة الأوضاع الاجتماعية بجانب الجوانب الشرعية ولاسيما أن أبناءنا وبناتنا مستهدفون.
أيتها الأمهات: لا مناص إذاً من تفتيش حقائب بناتكن في الثانوية وجيوب مراييلهن الرمادية، فنحن حقا في مرحلة رمادية فلا أسود ولا أبيض، ولكنها حيرة وقلق في ظل هذا التهاون والإهمال!!
ص. ب260564 الرياض11342
rogaia143 @hotmail.Com