اطلعت باحترام وتقدير على قصيدة أستاذنا الشيخ الأديب سعد البواردي، وهو من الرجال الذين تعلمنا على أيديهم الأدب منذ أن وطأت أقدامنا الرياض تماماً كما تعلمنا العلم من شيوخنا أمثال الدكتور عبدالعزيز الخويطر.
وقد فرحت بالقصيدة وهي تنحو منحى جديداً يتفق مع طبيعة الكارثة التي تمر بالأمة اليوم في فلسطين، وكيف أن اليهود الذين كانوا يشكون دائماً إلى الله والناس ما فعله (هتلر) بهم من حرق وسفك للدماء بلا رحمة ولا هوادة ووقف العالم معهم وندد بتلك المذابح التي قام بها هتلر وأعوان هتلر، وكنا نحن العرب في مقدمة من رفض ذلك الظلم وكره ذلك الفساد وعاب ذلك الجرم لهتلر ولكننا اليوم نلاحظ أن هؤلاء الظالمين من اليهود في فلسطين يسفكون دماء الأبرياء من إخواننا الفلسطينيين بدون ذنب ويركزون على إبادة المدنيين الذي لا حول لهم ولا قوة، ويحرقون كما أحرق هتلر، ويمعنون في العناد والصلف لتحقيق حملات الإبادة التي بدأوها منذ ما يزيد عن ستين عاماً شردوا من شردوا وقتلوا من قتلوا وارتكبوا نفس الجرائم التي ارتكبها هتلر بل اسوأ منها، فما الذي يعيبونه على هتلر، وكان أولى بهم أن يكونوا أول من يرفض هذا التعدي والقتل والإحراق وقد عانوا منه ولو رجعوا إلى تاريخ تلك المحارق وكيف أن بعض العرب وردت أسماؤهم فيمن أحرقوا وسحقوا من أجلهم، وسجل مجموعة من العلماء الألمان أسماء هؤلاء العرب من الجزائر والمغرب وتونس وبعض الدول العربية الأخرى ونشرت تلك الأسماء لتوضح أننا كنا معهم ووقفنا معهم وعضدناهم وأيدناهم وإذا بهم يمارسون كل هذه الجرائم نحو إخواننا الأبرياء والأطفال والنساء والرجال الذين يعملون في أعمالهم ولا حول لهم ولا قوة.. هؤلاء الإخوة الأبرياء الذين صبروا على العذاب والظلم وواصلوا الجهاد في سبيل الدفاع عما بقي من أراضيهم، وعن أنفسهم وأولادهم، وبذلوا الأنفس في سبيل الله ثم في سبيل الوطن، متوكلين على الله في كل أمورهم ويأخذون من الأسباب المستطاعة، ما أمكن مادياً ومعنوياً، نسأل الله أن يؤيدهم وينصرهم ويخرجهم من هذه المحنة العظيمة، وينصرهم على أولئك اليهود الصهاينة الذين ارتكبوا حرب إبادة فضيعة وجريمة لن تغفرها الإنسانية لهم. إن صرخاتهم ضد من يعادي السامية سوف تنقلب عليهم لأنهم فعلوا ما فعله هتلر بل أسوأ مما فعله هتلر.
ولقد فرحت بأديبنا الإنسان الغيور والكاتب الجاد الأستاذ سعد البواردي وهو يقول في مطلع قصيدته بأن هتلر كان رحيماً مقارنة بما يفعله هؤلاء اليوم من وحشية، وأنه أراح العالم من شر هؤلاء الذين لا يرعون معروفاً ولا مروءة:
كنت رحيما ياهتلر
وأنا أبصر من حولي
وحشية ما يفعله
أحفاد القردة
كنت حكيما يا هتلر
حين أرحت العالم
من بعض خنازير البردة
خلفوا طغمة حقد أعمى
وجدوا لعنة عهد
ثم فرحت بتلك التعبيرات الصادقة يوم صورهم بأنهم أصحاب هوية حقد وشهية فتك ومكر وكراهية طويلة للناس وصور الواقع أستاذنا الشاعر الأستاذ سعد البواردي في غزة اليوم وذلك الجوع والدمار:
جوع وحصار ودمار
ليل موجوع بالرعب ونهار
اسماء العبري والتتري انتصار
مهزوم مهزوم من مد لإسرائيل يدا
في الماضي أو مد إليها غدا
وجاء التساؤل رائعاً كيف يهدمون فوق رؤوس الناس منازلهم بل وعلى المرضى مستشفياتهم وعلى المصلين مساجدهم ويخنقون هذا الشعب الذي لا ذنب له وحرقوا حتى الشجر:
من يحرق أشجار الزيتون
من يردم آبار وعيون
من يرقص في مشهد قتلى بجنون
مظلوم.. مظلوم.. مغبون
يا هتلر..
وأعجبتني دعوته إلى عدم القنوط وأن أوراق أشجار الحرية سوف تزدهر على أغصانها من جديد:
أحفاد القردة المردة
ينتظرون الغد
ما بين الجزر وبين المد
تورق أشجار الحرية
تزهر أغصان الحرية
كل مآذن غزة
كل كنائس غزة
كل فم في غزة يا هتلر
يصدح الله أكبر
على من طغى وتجبر
الله أكبر
أكبر من كيد المحتل
أكبر من رجس الوحش الدموي المختل
أقوى من كل أساطير الشر
أمضى من عفن الأعداء أقدر من جهل الجهلاء
أخذ شاعرنا ينادي هتلر ويذكره بأن هؤلاء الذين شكوا من عمله يرتكبون نفس العمل ويجرمونه كما أجرم:
أجرمت من حارب ضحك أجرم
ولأنك مهزوم حوكمت بنور مبورغ
أخترت الموت لوحدك
غيرك من قادة جيشك أعدم
من كسب الحرب
وكان القاتل أيضا لم يعدم
هذا في عصرك يا هتلر
لم تشهد حرب إبادة أمم من بعد
وجاءت في ختام القصيدة أبيات ذكرت بأصول هؤلاء الظلمة أحفاد من قتلوا الأنبياء وخانوا الله وخانوا أماناتهم:
أما أحفاد القردة يا هتلر
هم الأقسى قلبا والأكثر رعبا
فلهم في أرض فلسطين حكاية
جيء بهم من كل صقاع الأرض
بالطول والعرض وبالفرض
نحروا سكان الأرض بسكين القهر
لم يسلم من غدرهمو إنسان منذ زمان وحتى اللحظة
حرب إبادتهم أعتى
اقسى من (الهولوكوست)
محرقة الأرض شعار رفعوه
طبقوه على أرض الواقع
وفرحت وهو يذكرهم بالويل كل الويل لمن يهزم وسوف تدور عليهم الأيام والله غالب على أمره.. ألا لعنة الله على الظالمين.. ألا لعنة الله على الكافرين ولا حول ولا قوة إلا بالله.