في مجتمعنا أناس كالرياحين ينشرون المحبة والخلق الطيب ويفشون السلام وأشهد أن الزميل العزيز طلعت وفا كان أحدهم، وعلى الرغم من أن علاقتي بالزميل الراحل لم تكن قوية وربما تمر فترة ليست بالقصيرة دون أن أقابله.. لكن حينما يتم اللقاء أحس أنه قريب من نفسي وأحسبه يشعر بنفس الشعور، وكم من مرة صادفته أثناء الصلاة في أحد المساجد أو في مناسبة ونتفق على أن نتواصل تنفيذاً للود المتبادل بيننا بلا سبب دنيوي، فلم أعمل معه ولم تتقاطع المصالح بيننا.. لكن هذا الرجل (ورد بلا شوك) ينشر العطر والعبق في الوسط الصحفي الذي يضج بالخلافات والمشاكسات والمشاحنات.. يوم الصلاة عليه جاء الجميع من كافة الأطياف ومن جميع الصحف والتأثر يبدو عليهم.. والكل يتحدث عن صفاته التي أصبحت نادرة في زماننا هذا.. فهو صديق للجميع ولم يتأثر بشلة ليقف معها ضد أخرى.. فهو كما قال الزميل خالد المالك يقف على مسافة واحدة من الجميع.. تعلو محياه دائماً ابتسامة حقيقية وليست من الابتسامات المصطنعة التي يرسمها البعض على شفاههم والدليل على ذلك أنها استمرت حتى في وقت مرضه ومعاناته.. وإن كانت تبدو ذابلة على وجه طفولي بريء يشعرك بالراحة ويعكس قلباً أبيض لا يحمل الحقد والكراهية لأي أحد..

رحمك الله يا فقيدنا الغالي وتقبل ما ضج به المودعون لك في المسجد وفي المقبرة من دعاء صادق.. وجبر مصيبة أخيك (هاني) وعائلتك جميعاً، فالموت حق والقلوب حزينة، ولكننا لا نقول إلا ما يرضي ربنا.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}..

وأخيراً: بقي أن أقترح على مؤسسة اليمامة الصحفية التي عمل بها وأخلص لها.. وهيئة الصحفيين السعوديين التي ينتمي إليها أن تكرماه كرمز من رموز الصحافة السعودية ومثال للشباب السعودي الذي يحمل من الصفات المهنية والأخلاقية.. ما نتمنى أن نراه سائداً في مجتمعنا وبالذات في وسطنا الصحفي وأترك اختيار نوع التكريم للزملاء في المؤسسة والهيئة وهم بلاشك أهل لحسن الاختيار في هذا المجال.