Al Jazirah NewsPaper Tuesday  06/01/2009 G Issue 13249
الثلاثاء 09 محرم 1430   العدد  13249
الدكتور عبدالله الربيعة والسلوك العلمي المهني
مندل عبدالله القباع

 

السلوك العلمي المهني مرتكزه أخلاقي صادر عن إراد خيرة تعمل بمقتضى الواجب. فالإنسان الذي يهرع لإنقاذ شخص يشرف على الهلاك هو إنسان ذو إرادة خيرة أياً كانت النتيجة الناجمة عن السلوك أو الفعل الذي تم، لكن المهم في ذلك أن هذا الإنسان قد تهيأ وتأهب وأقدم على الفعل (الإنقاذ)، باذلاً أقصى طاقته، ومستخدماً كافة الوسائل الممكنة والمتاحة، وبذل جهداً متوافقاً وأعطى وقتاً كافياً، ووظف ملكاته وقدراته العلمية وتوخى حسن الأداء ففي كل مهمة من المهام توضح أن إرادته - حقاً - خيرة حيث تدفع إلى إرادة العمل بمقتضى الواجب.

ولذا فإن السلوك العلمي المهني المتركز على مبادئ الأخلاق هو واجب الأداء، وهذا ما يعرف ب (الواجب الخلقي في السلوك الإنساني). وما نعرضه في هذا المقال فعل (وطني) ينتمي للإرادة الخيرة في استنادها على الأمر الأخلاقي في السلوك الإنساني، هذه القضية غاية في الأهمية من الوجهة العلمية المهنية الإنسانية تتبناها مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالرياض قام بها فريق من أمهر الأطباء الجراحين السعوديين برئاسة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة وفي البدء أن أذكر بكل أمانة أهم ما يوصف به بين زملائه ورفاقه مسيرته ومحبيه أنه أحب الناس إلى الناس - فهو الألف المألوف.

يعمل الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة المدير التنفيذي للشؤون الصحية بالحرس الوطني لكنه وبكل تأكيد لا يعمل بوظيفة بل يحمل رسالة قوامها الإنسانية والحسابات العاقلة، وإدراك للظروف والمتغيرات والملابسات لتلك الحالات الإنسانية التي تحمل مسؤولية العمل إزاءها بكل إيمان وثقة في النفس وبكل عزيمة وإرادة خيرة ومسؤولية مهنية وحس وطني ونبض إنساني.. إنها حالات التوائم الملتصقة (التوأم السيامي) المكتمل حيث توجد الأعضاء الأساسية للحياة في كلا الطفلين أو شبه المكتمل حيث تنفصل الرأس والقلب أما باقي الأعضاء كالكبد والكلى وغيرها من الأعضاء تكون مشتركة أو تغير المكتمل حيث يوجد رأسين، أما ما تحت الرقبة من جسد وأعضاء فهي واحدة أو أنه توأم متطفل أي أنه يكون أحد الطفلين مكتمل والآخر جزء من جسد ملتصق خارجياً أو داخلياً، وبهذه الحالة فإن الطفل الطفولي غير متيقن من حياته بعد فصله.

ومما يسجل بكل فخر للدكتور عبدالله الربيعة وفريقه أنهم خرجوا بعمليات الفصل الجراحي من طور التجربة إلى التيقن في واقع عملي علمي مهني متميز يدعو للإجلال والتقدير والاحترام لذلك العطاء الجيد وذلك الجهد المتميز الذي يبذله الدكتور عبدالله الربيعة وهو تقدير موضوعي مبني على ما يتمسك به من قيم المسؤولية والعلمية والالتزام، وهي ذات القيم والسلوكيات التي يتحلى بها الفريق العامل معه والقائمين على الخدمات العلاجية المتخصصة.

وتحكي لنا الإحصاءات أن إجمالي عدد الحالات التي تم مباشرتها خلال الأعوام من 1990م - 2007م في كل من مدينة الأبحاث بالرياض تربو على (105) حالات منها حالات تم تشخيصها خلال فترة الحمل (34 حالة) أما الحالات التي تم فصلها فهي (18) حالة تم فصلها بنجاح تام منها ثلاث حالات كان التوأم طفيلي بينما (23) حالة تم المتابعة الإشرافية لهم ولم يتم فصلهم بعد ومن حالات الالتصاق ال (42) حالة منهم (24) سعوديا ومن السودان (6) حالات ولكل من اليمن ومصر الفلبين (2) بينما لكل من ماليزيا وبولندا والمغرب والعراق والكاميرون وعمان حالة واحدة.

كما توضح الإحصاءات أن أكثر حالات الالتصاق بالصدر (16) حالة، يلي ذلك حالات الالتصاق بكل من البطن والصدر والحوض (13) حالة، بينما حالات الالتصاق بالبطن فقط بلغت (4 حالات)، وبالحوض فقط (3 حالات) وبالورك حالة وبالرأس حالة، أما حالات التوأم الطفيلي فقد بلغت (4 حالات).

إن هذا العمل الفريقي يتوجب التوقف عنده وتأمله من منظور اجتماعي نجده يساهم في رفع كفاءة العمل الطبي بكل المراكز الطبية في المملكة فمعظمها وبلا جدال أصبحت تضاهي أكبر المراكز العالمية.

إن هذا الانتصار العلمي أحدث فرجة في المنطلقات والأوساط الطبية حول حالات التوأم السيامي، ناهيك عن الحالات الطبية الأخرى. وإن ما قام به الفريق الطبي برئاسة الدكتور عبدالله الربيعة يدلل على أن عجلة التقدم العلمي في المجال الطبي ماضية نحو تحقيق إنجازات أكبر وأعظم ليس في المجال الطبي وحده بل في كافة مياديين العلم الحديث.

إن مسيرة المملكة في مجال التقدم العلمي شاخصة أمام الجميع يشهد لها ضمير العالم، ويتابعها القريب والبعيد - القاصي والداني - وهذا يؤكد أن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين، صارت ولاشك منارة علمية رائدة يؤمها الراغبون في الاستفادة من نواتج خبرة وكفاءة علمائنا التي فاقت كل التوقعات من حيث تنمية مجالات العلم التطبيقي، وتطور نظم التعليم والتدريب والبرامج المستجدة في إعداد العلماء وشحذ هممهم وقدراتهم، ودعم الفاعلية الثقافية وحفز التواجد العالمي وتعظيم المكتسبات العلمية، وحماية الأمان المعلوماتي والأمن الفكري فيا بلادي سيري إلى الأمام والله يحميكِ ويرعاكِ.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد