Al Jazirah NewsPaper Tuesday  06/01/2009 G Issue 13249
الثلاثاء 09 محرم 1430   العدد  13249
ممر
ليموت الشعب ويبقى السلاح!
ناصر صالح الصرامي

 

الأزمات العربية بدأت تتنافس نشازها، وهو أمر يحتاج إلى بحث ظاهرة عربية، بدعم أعجمي هذه المرة، ظاهرة أقل ما يقال عنها أنها مدمرة.

حيث يسجل القرن الحالي لظاهرة (الزعرنة) السياسية والحزبية المؤدلجة والمدجنة بالسلاح في مواجهة مفهوم الدولة المعاصرة، بل وتفوقها عليها، ثم توريطها لها.

بل وتذهب بعيداً، عقب اختيار العرب للسلام كهدف استراتيجي مع إطلاق المبادرة العربية، إلى أن تقدم هذه الأحزاب نفسها كوكيل جديد وضامن لاستمرار الصراع العربي الإسرائيلي إلى الأبد؛ لتنفذ من هنا، بعد أن نفذت بغطاء ديني ومذهبي.

الأحزاب المعارضة تحظى بجاذبية، لكنها نادراً ما تصل إلى الحكم، وإن وصلت فهي لا تستمر طويلاً؛ لأنها تعلمت المعارضة أكثر من أصول الحكم وفنونه، لكن هذا في الأنظمة الديمقراطية ذات التجربة الراسخة.

لكن في واقع التجربة السياسية العربية، المعارضة تأتي أولا في شكل ميلشيا، تصل إلى السلطة، ولتبقى ممسكة بسلاحها وأيديولوجيته،وتنسى إدارة الدولة أو تعجز عنها، حتى يصبح استخدام العنف (مباحاً) من أجل البقاء في سدة الحكم ولو جزئياً إلى الأبد، وفرض الإدارة الرشيدة بقوة السلاح ودستوره المقدس، مهما تكن المغامرات وخسائرها الراهنة والتالية، أو هذا هو على الأقل ما حدث في التجارب التي التصقت بالإسلامية وانتفعت بهذه الصفة كثيراً، ودفعت بهذا النفع إلى أقصى التحريف، إلى حد تبرير الانتحار، وتوزيع صكوك الشهادة والغفران!

لكن الأحزاب المسلحة اليوم في المنطقة أمام إجماع دولي معلن، لا يقبل وجودها المسلح، فيما إسرائيل مستعدة دائماً للتحرك والرد الفوري بعنف ودموية كبيرين، مهما كلفها الأمر، وبما يتفوق كثيراً على مستوى حسابات اللاعبين الصغار ومغامراتهم!

هذا يجعل الهجوم الذي شن على مصر الدولة - مثلاً - هو هجوم على الدول والأنظمة المدنية، التي ترى فيها هذه الأحزاب أنها تقف حجر عثرة ضد سلطتها الدائمة أو مغامراتها خارج حسابات القوة، ومعايير الواقع. كما أنها مستعدة للتحالف مع الأنظمة الثورية دون شروط مسبقة.

في هذا السياق يمكن لنا فهم كيف اتفق من اختلفت مذاهبهم وطوائفهم، وجمعهم السلاح، والتطرف، حول أهداف مشتركة - وإن اختلف التبرير -؛ من أجل قيادة المنطقة نحو مغامرات تخريبية وقتالية مدمرة لإحراج الحكومات، حتى وإن فنت الشعوب عن بكرة أبيها، وعمّت الفوضى، وهو ما يجعل قائداً لحزب شيعي وشيخاً سنياً متطرفاً يتفقان في هجومهما على أنظمة محددة ووسائل إعلام بعينها.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد