حاول مع مطلع العام الجديد..
أن تنسى أنك عربي..
أن تعطي قلبك إجازة من الألم والهوان والشعور القاتل بالدونية والعجز..
حاول أن تفتح مصدراً لغوياً جديداً.. تبحث فيه عن وضع يليق بك في هذا المساء البارد وأنت تحتسي قهوتك الدافئة..
وثمة جثث لأطفال ونساء ورجال تتراكم في طرقات غزة..
ليس لها خيار في ذلك..
إنه قدرها..
فالمعابر مغلقة.. حتى لا تفر ولا تهرب.. والساسة هناك يصرون على خلافاتهم مع بعضهم فيمنحون العالم كله (كبسولة) دواء مهدئة للأحزان وللصراخ والانفعال.
** إن هذا خيارهم!؟! وهذه حكومتهم!!؟
** حاول في هذا المساء البارد وأنت تتهيأ لموجة قارسة تأتيك من الشمال محملة بأنفاس شهداء غزة.. أولئك الذين ذهبت أرواحهم دون أن يكون لها ثمن..
فلا أرض ستعود ولا دماء بعدهم ستحقن..
** حاول هذا المساء..
أن تذكر جرحك القديم (فلسطين) وكيف استحال إلى جراح صغيرة ومتناثرة في قلبك.. كلما ظننت أنك داويت جرحاً أنَّ جرحٌ جديد..
حتى في جراحنا نحن متفرقون..
حتى في وجعنا وبكائنا نحن متفرقون..
كلنا هذا المساء نبكي..
لكن لكل منا بكاؤه ونحيبه..
فثمة من يبكي القضية.. وثمة من يبكي السلطة وثمة من يبكي المباني المتهدمة.. وقليلون فقط مثلي.. يبكون الأطفال الذين يرتعدون برداً..
الصغار الذين لا تعنيهم حماس ولا تعنيهم فتح..
لا تعنيهم العقوبات الإسرائيلية ولا الانتخابات القادمة لحكومتها..
إنهم يبكون ألعابهم المتناثرة وصدور أمهاتهم التي صامت عن منحهم الحليب..
يبكون سيارات الإسعاف التي تعجز عن الوصول بهم إلى المشافي وربما المقابر..
** حاول أن تنسى أنك عربي.. حاول أن تتصحر.. وتبدو لا مبالياً.. ارتد حذاءك الشتوي.. واذهب إلى أقرب رصيف..
جدَّ في المشي.. والمشي..
ودع عينيك تغسل الطرقات بمائها الحزين..
ابكِ.. كثيراً وحق لك..
فالدماء التي تراق بلا ثمن هي دماء أبناء عمومتك.. لحمتك وقومك الأقربين..
ابكِ.. وارقب لون الشتاء الداكن وهو يقول لك..
ما الفرق بين إرهاب الشعوب وإرهاب الحكومات..
حاول أن تجيب.. لكن همساً.. وإن استطعت أن تنسى أنك عربي فهذا هو فقط دواؤك الشافي!!!
Fatemh2007@hotmail.com