Al Jazirah NewsPaper Saturday  03/01/2009 G Issue 13246
السبت 06 محرم 1430   العدد  13246
لما هو آت
ربَّ قطرة..!
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

لكل موقف وجهان..

وربما تكون لهما زوائد، وتعرجات، ومنافذ خفية.., وألوان مغايرة..

ربما تتقارب التقاطيع لكنها تختلف في تفاصيلها..

لكن يبقى لكل وجه في المواقف ما يجتر إلى مسارب أخرى..أو مآرب..

الناجون في المواقف لا يتعثرون بزوائد وجهيها، ولا يتردون في تعرجاتها، ولا يطمسون بألوانها، ولا يقعون في لمم تفاصيلها، هم الحكماء.., ولأن الحكمة ضالة.., ولا يؤتاها إلا ذو حظ كبير.., فإن الواقعين، المتعثرين، المتردين، المطموسين هم الغالبون بأكثريتهم..

ربما سعة الحياة وسطوة غرورها، وجاذبية هباتها، وبريق قممها، وعذوبة سطحها، ونداوة كفوفها عوامل ماهرة في الهيمنة على مكامن الحكمة في الإنسان لذا غلبته شهوته فتغلبت عليه شقوته فلا يرى الوجهين لكل موقف بمثل ما هي عليه التفاصيل والمؤشرات..

قطرة من نبع حكمة كفيلة بري تربة النفس والعقل..

قطرة في مكمن فكر ومجرى إحساس مصدر لوعي البصيرة وجلي الكفاف..

قطرة في مجرى البصر تطهير للرؤية ومد لفضائها..

ما الذي يقرأه المرء في مشهد الموقف بوجهيه في غزة بل فلسطين كلها..؟ بل فيما اجتره من تفاصيل، وخفايا..؟

من الذي يقرأ ولا يتعثر أو يسقط في فجاج تعرجات الموقف وخفاياه؟

من الذي ينجو من ألوانه فلا تطمس رؤاه؟

من الذي لا يتردى في مفازاته ولا يقع في ظلمته؟

من يملك قطرة من نبع حكمة يصفو برؤاه..؟

من يتراجع عن سقوطه حين تتعثر به عيناه..؟

من يتطهر ولو بقطرة حين يكون له أن يتلمس نبضة خشية ترف بين جنحيه في لحظة ذاتية لا يكون معه غير المرآة...؟..

قطرة واحدة لن يبخل بها واحد من الوجهين أبداً..




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد