الرياض - «الجزيرة»
وصف المستشار القانوني إبراهيم الناصري أحكام إفلاس الشركات المساهمة في نظام الشركات بالغموض وقال في معرض رده على أسئلة قراء (الجزيرة) أن شركة المساهمة لا تخضع للإفلاس التلقائي بمجرد تجاوز خسائرها ثلاثة أرباع رأس المال، وإنما يتوقف الأمر على إقامة دعوى قضائية من شخص ذي مصلحة مطالباً بحلها. مشيرا إلى انه لم يشهر إفلاس أي شركة مساهمة عامة في المملكة حتى الآن.
ودعا الناصري في رده على سؤال آخر الشركات البتر وكيماوية إلى الإفصاح الكامل حول مدى تأثر أسعار منتجاتها بالتغييرات الاقتصادية التي يشهدها العالم الآن موكدا أن النظام يلزمها أن تُفصح للجمهور في حال وصول التدهور في أسعار منتجاتها إلى درجة التغيير الكبير في بيئة الإنتاج، وكانت هذه المعلومات غير متاحة لعامة الناس.
وحول تنظيم القطاع المالي في المملكة شرح الناصري الفروقات بين النظامين الأمريكي والبريطاني ملمحا إلى أن الأزمة المالية كشفت عن إيجابيات جديدة لصالح النموذج البريطاني فإلى مستشار السوق:
* أصدرت هيئة السوق المالية خلال الأسبوع المنصرم قرارا بزيادة الضوابط المحددة لإعلانات الشركات واعتقد أنه يحدث للمرة الثانية فلماذا هذه التغييرات؟
وهل تعكس واقعا مضطربا للإفصاح وتدني مستواه في سوقنا ؟
خالد الحبيب - الرياض
- تضمنت قواعد التسجيل والإدراج العديد من الإعلانات المهمة التي يجب على الشركة نشرها عبر التطبيقات الإلكترونية للسوق المالية، منها الإعلان عن التطورات الجوهرية، والإعلان عن القوائم المالية السنوية والربع سنوية. وعلى سبيل المثال فقد ورد في الفقرة (ج) من المادة (26) من قواعد التسجيل والإدراج الآتي: (تعلن الشركة عبر التطبيقات الالكترونية التي تحددها الهيئة عن قوائمها المالية الأولية والسنوية فور اعتمادها من مجلس الإدارة ولا يجوز نشر هذه القوائم على المساهمين أو الغير قبل إعلانها في السوق). وسبق للهيئة أن بينت بعض التفاصيل بشأن صيغة تلك الإعلانات وتوقيتها إلا أنها لم تكن بالقدر الكافي. وتحدد التعليمات الجديدة العناصر الأساسية التي لابد من توافرها في جميع إعلانات الشركات التي تبث من خلال نظام تداول، ولاسيما الإعلانات الخاصة بالنتائج المالية، وتوصيات مجلس إدارة الشركة بشأن زيادة رأس المال أو خفضه، والدعوة إلى عقد اجتماع الجمعية العمومية العادية أو غير العادية وقرارات أي منهما في حال انعقادهما. ومن أهداف هذه التعليمات تلافي النقص والغموض والتضليل في إعلانات الشركات. فمثلاً دأبت الشركات على المسارعة في نشر إعلانات عن القوائم المالية الأولية أو السنوية من أجل رفع الحظر عن تداول أعضاء مجلس الإدارة بأسهم الشركة، وكانت صيغ بعض تلك الإعلانات متفاوتة من شركة لأخرى، وبعضها غامض وأحياناً تُقحم الشركة في الإعلان معلومات خارجة عن طبيعته وقد تكون مُضللة للمستثمر، مما زاد من أهمية رسم أطر محددة لهذه الإعلانات على النحو الذي تضمنته التعليمات الأخيرة التي يُفترض أن تُزيل هذه السلبيات سواءً من حيث توحيد صيغة وشكل الإعلانات لجميع الشركات أو تحديد المعلومات المطلوبة ومنع أي إضافة أو حذف منها، إضافة إلى التيسير على المستثمرين في مجال المقارنة بين نتائج الشركات سواءً في القطاع الواحد أو في القطاعات الأخرى. ومن الجدير بالذكر في هذا المقام أن قواعد التسجيل والإدراج تشترط نشر القوائم المالية قبل السماح لأعضاء مجلس إدارة الشركة بالتداول بأسهمها، كما هو مطبق في الأسواق المنظمة، وليس مجرد نشر إعلان مُقتضب عنها.
* على الرغم من الانخفاض الحاد جدا في أسعار المنتجات البتر وكيماوية إلا أن أي شركة من الشركات المدرجة في قطاع البتروكيماويات لم تفصح عن التدهور الحاصل في أسعار منتجاتها فما هو الموقف القانوني من هده التصرفات ؟
أحمد البدر - الرياض
- بناءً على المادة الخامسة والعشرين من قواعد التسجيل والإدراج يجب على الشركة المُدرجة في السوق أن تُبلغ الهيئة والجمهور دون تأخير بأي تطورات مهمة تندرج في إطار نشاطها ولا تكون معرفتها متاحة لعامة الناس وتؤثر على أصولها وخصومها أو على وضعها المالي أوعلى المسار العام لأعمالها، والتي يمكن أن تؤدي إلى تغير كبير في سعر الأوراق المالية المدرجة. ونصت المادة على أن من بين هذه التطورات : أي تغيير كبير في بيئة إنتاج المصدر أو تجارته. وبناءً على هذا الالتزام يجب على شركات البتروكيماويات أن تُفصح للجمهور في حال وصول التدهور في أسعار منتجاتها إلى درجة التغيير الكبير في بيئة الإنتاج، وكانت هذه المعلومات غير متاحة لعامة الناس.
* لعله من المناسب بعد حدوث الأزمة العالمية و تداعياتها أن يسأل المساهم عن الأحكام القانونية المنظمة لعملية إفلاس الشركات المساهمة وكيف يضمن المساهمون حقوقهم وما هي الممارسات المماثلة في الأسواق العالمية ؟
عبد الله الزهراني - جدة
- وردت أحكام إفلاس شركة المساهمة في نظام الشركات بصيغة يطغى عليها الغموض. فقد نصت المادة (148) على الآتي : (إذا بلغت خسائر شركة المساهمة ثلاثة أرباع رأس المال، وجب على أعضاء مجلس الإدارة دعوة الجمعية العامة غير العادية للنظر في استمرار الشركة أو حلها قبل الأجل المعين في نظامها. وينشر القرار في جميع الأحوال بالطرق المنصوص عليها في المادة ( 65 ) وإذا أهمل أعضاء مجلس الإدارة دعوة الجمعية العامة غير العادية أو إذا تعذر على هذه الجمعية إصدار قرار في الموضوع، جاز لكل ذي مصلحة أن يطلب حل الشركة). ومن ذلك يتضح أن شركة المساهمة لا تخضع للإفلاس التلقائي بمجرد تجاوز خسائرها ثلاثة أرباع رأس المال وإنما يتوقف الأمر على إقامة دعوى قضائية من شخص ذي مصلحة مطالباً بحلها. ولم يُشهر إفلاس أي شركة مساهمة عامة في المملكة حتى الآن. وفي الأنظمة العالمية يخضع إفلاس الشركات لقواعد تفصيلية صارمة غير موجودة في الأنظمة السعودية. ولا تُعنى الأسواق المنظمة المُدرجة فيها تلك الشركات بهذه الأمور لأنها أمور ذات طبيعة قضائية تعني مساهمي الشركة ودائنيها وعملائها، ولكن تستبعد تلك الأسواق فوراً أي شركة تنخفض أعمالها أو تتدهور عملياتها المالية إلى درجة تقترب فيها من حافة الإفلاس وذلك حفاظاً على سمعة السوق وثقة المستثمرين في الشركات المدرجة فيه.
* تعتمد البنوك على معايير محاسبية خاصة بها صادرة من مؤسسة النقد ولا تلتزم بمعايير هيئة المحاسبين السعوديين المنصوص عليها في قواعد التسجيل و الإدراج.. لماذا هذه الازدواجية في التطبيق ؟ وكيف يمكن التوفيق بين صلاحيات مؤسسة النقد وصلاحيات هيئة السوق المالية بالنسبة للبنوك وشركات التأمين ؟
عبد الرحمن الناصر - الرياض
- قبل صدور نظام السوق المالية كانت وزارة التجارة هي جهة الإشراف على شركات المساهمة فيما يتعلق بالمعايير المحاسبية التي تُطبقها، وقد فرضت الوزارة عليها تطبيق المعيار المحاسبي للهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، ما عدا البنوك فقد كانت تُشرف عليها مؤسسة النقد وتفرض عليها معياراً محاسبياً آخر (المعيار الدولي). وبعد صدور نظام السوق المالية أصبحت هيئة السوق المالية هي المعنية باختيار المعايير التي تراها بالنسبة للشركات المدرجة في السوق. وقد بادر مجلس الهيئة في اجتماعاته الأولى في اختيار المعيار المحاسبي المعتمد من الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، باستثناء البنوك التي استمرت مؤسسة النقد بالإشراف عليها بما لها من صلاحيات بناءً على نظام مراقبة البنوك.
ومن المعلوم أن المملكة تتبع الأسلوب الأمريكي في مجال تنظيم القطاع المالي، حيث تختص هيئة السوق المالية بتنظيم سوق الأوراق المالية والشركات المدرجة بما فيها البنوك وشركات التأمين، في حين تختص مؤسسة النقد بتنظيم قطاع البنوك وقطاع التأمين إلى جانب دورها كبنك مركزي. ولهذا الأسلوب سلبيات عديدة من بينها معاناة الشركات الخاضعة للإشراف المزدوج (البنوك وشركات التأمين) من المعايير المتعارضة والحاجة إلى موافقة كلتا الجهتين على بعض أعمالها، وكذلك انشغال البنك المركزي (مؤسسة النقد) بأمور تنظيمية ذات طبيعة قانونية بحتة بدلاً من التركيز على الجانب الأكثر أهمية وهو القيام بتوجيه السياسة النقدية، إضافة إلى وجود تعارض مصالح في ممارسة المؤسسة لهذين الدورين حيث يفترض الدور التنظيمي توخي الحياد بين ذوي المصالح المتعارضة بينما قد تستدعي السياسة النقدية اتخاذ قرارات تلحق ضرراً ببعض أطراف العلاقة. وفي مقابل الأسلوب الأمريكي هناك الأسلوب البريطاني الذي يجمع قطاعات الخدمات المالية (البنوك والتأمين والأوراق المالية) تحت مظلة جهة تنظيمية واحدة ذات طبيعة قانونية وشبه قضائية (FSA) ولا تُعنى بالسياسة النقدية أو بالاقتصاد، بينما يهتم البنك المركزي ( بنك إنجلترا ) بواجباته النقدية. وقد كشفت الأزمة المالية الحالية مزايا إضافية للأسلوب البريطاني.