أكاد أجزم أن مضمون هذا المقال قد تشبعت به أوراق الصحف وضاقت به صفحات الانترنت. وقد صال وجال في المجالس (لأم مناحي وأم فرحان وأم سعود) ومن وراء المكاتب ابتداء بمكتب وزير ونهاية بطاولة مستخدم مدرسة هجرة..
ألا وهو نقل وتعيين المعلمات والمعلمين بعيدا عن مناطقهم ومنازلهم وأهاليهم.. (اعتادت أنظارنا على قراءة المعلمين قبل المعلمات ولكني فضلت ذلك بحسب الأكثر معاناة) من هذه القضية التي تدعو بحق للاستغراب، بل وللوقوف عليها حتى نجد حلا (حتى وان تورمت الأقدام)..
أعتقد أنه موضوع كما ذكرت آنفا قد سبقني فيه الكثير للخوض فيه ومحاولة إيصال أصواتهم الحزينة للمسؤول عن هذه القضية، ولكن وللأسف الشديد لم يتم تناول هذه القضية بجدية أكبر.. إنني على ثقة بأن 99.99% من قراءة هذا المقال بل وحتى من الذين لم يقرؤوه يؤيدون أن هذه القضية ما هي إلا مشكلة مستعصية تعاني منها وزارة التربية والتعليم وأحزنت الآلاف ممن فرحوا بتعيينهم.
ان هذه المعاناة تقلق ليل أكثر من ألف معلمة ومعلم سنويا ممن تركوا أهاليهم ليقطعوا آلاف الكيلومترات لمقر عملهم كمدرسات ومدرسين، كما تطالعنا الصحف اليومية ونسمع يوميا بما تدمع له العين دما قبل الدموع بكوارث ومآسي تلك الحوادث التي تشهدها طرقاتنا لتذهب بسببه أرواح المئات من المعلمات والمعلمين على طرقات تلك المسافات النائية (إلا من رحم ربي).
إنني واحدة من هؤلاء المعلمات، قضيت سبع سنوات في التدريس وكان أول تعيين لي في هجرة تبعد عن منزلنا 90كم، لا كهرباء ولا مياه باردة أو حتى حلوة لا وسائل اتصال ولا حتى خدمات اقسم بالله العظيم انني من شدة الحر في الصيف استرخي في ساحة المدرسة الساعة الثانية ظهرا بحثا عن ظل. ونشرب المياه الحارة من العطش.. المهم.. وبعد أربع سنوات من المعاناة ولله الحمد أصبحت مدرستي لا يفصلني عنها إلا خباز أبو احمد..
ثم طلبت نقلي إلى منطقة حائل بحكم ظروف خاصة فعندما سألت عن آلية نقل المعلمات قيل لي الأفضلية في التقريب يحكمه تاريخ أول مباشرة للمعلمة في الوزارة ولكني فوجئت بنقلي لهجرة تبعد عن منزلي مسافة 185كم، ولا أعرف والله حتى الآن السبب بذلك.
لأستيقظ من نومي فجر كل يوم لأتجه لهذه الهجرة فأقبل جبين طفلي وأودع منزلي ويعتصر قلبي الألم والحزن والغضب ولا أعرف ان كنت سأحضنه مرة أخرى أو أذهب كما ذهبت أبلة فوزية وحصة ونورة وغيرهن من الضحايا، فأواجه زميلاتي المعلمات (أ) من جدة و(د) من المنطقة الشرقية و(ج) من منطقة الجوف. وكأن هذه المناطق قد أعلنت اكتفاءها من المعلمات والمعلمين.
وزارتي العزيزة:
إلى متى؟ من المسؤول؟!؟!! قضيتنا والله غاية في المعاناة والجلادة يجب النظر فيها وأخذها بعين الاعتبار وتعيين ونقل كل معلمة ومعلم بالمنطقة الأقرب لبيته وأهله وتوضيح آلية النقل والتعيين..
لفتة
إن ما تقدمه حكومة المملكة العربية السعودية من دعم وتشجيع للمؤسسات التعليمية لا شك فيه انه عمل منقطع النظير وغير مسبوق من أجل إنشاء جيل للنهوض بهذه الأرض المباركة ورفعها لتعانق سماء التطور العالمي ليمسكوا بنجوم هذه السماء وينظموا بها عقدا يحلى ويزين بها جيد هذا الوطن، وبالفعل فقد تخرج من هذه المؤسسات أبطال وأحرار ورجال بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى يسند إليهم الظهر (كما يقال) علماء وأطباء ومربين تربويين ومشايخ دين ورجال أمن تتحدث عنهم مشارق الأرض ومغاربها.