في شعارها للدفاع عن (الفضيلة) وفي حرصها على تنقية السلوك من الشوائب.. وفي موالاتها لكل ما يكرِّس القيم ويحافظ عليها......
** قرَّرت (إحدى القنوات) منع بث مشاهد(التدخين) في المواد التي تبثها.. وهي التي ما فتئت تسوَّق للرداءة.. وتشيع كل ما دنا من أفكار وممارسات في أغلب برامجها وأطروحاتها.. في (مسلسل) لا يبدأ بالمستورد والمدبلج.. ولا ينتهى ب(المسابقات) الهابطة في فكرتها ومنهجها وأهدافها.. ناهيك عن تبنيها للآفات البشرية.. من سَقَط القيمة وجذاذات الفراغ.. واستقطابها لكائنات تسميت في تصديرهم (إلينا) ممثلين ومطربين ومذيعين.. في مشهد مترف (لا يفتر) وهو يوالي استفراغ حثالاته..
** ولأنها على ثقة في الرهان على (الثابت والمستقر) في الذهنية الشعبية ودعاماتها من خطابات.. خرجت إلينا بسبق فضائي يجمع بين الهزل والطرافة والاستغفال في آن.. ويتمثل في منعها بثّ مشاهد (التدخين) في موادها.. ليتبارى المولعون بالقشور والظواهر والمفاجآت في إنشاد هذا الانتصار لفضيلة السلوك.. (محركهم) فيه حرمة الممارسة.. وليس آثارها الصحية والاقتصادية والاجتماعية.. وليس - كذلك - تأثير القناة واستقطابها للجماهير..!
** هذه (القناة).. وهي تنطلق في كل شؤونها من إستراتيجية نفعية بحتة.. تتوالى وتتنوع مخرجاتها بانتظام متقن.. إنما تعيد نسخ وتصدير ما وقر في الذهنية.. وما تواطأ عليه العامة من نبذ للممارسة وعداوة لها.. وهي إذ تفعل ما تفعله.. تدرك خطورة نوعية ما دأبت على تصديره إلى جماهيرها.. ومأزقها الأخلاقي معهم.. وتخثر إحساسها بذلك المأزق إزاء جاذبيتها ومعدلات جماهيريتها المتزايدة.. بغض النظر عن القيمة والنوعية والمخرج.. مما دنى بتقدير (الناس) لإنتاجها.. بسبب فتكها بقيمهم عبر ما تبثه في مسلسلاتها من مشاهد تقدم المنكر بعينه بكل علانية.. ولا تعدم أن تجد من ينظِّر لممارستها.. ببيان يجمِّل الخطيئة ويتفنن في إخراج مواطن الإنكار من الحرج..
** ولأنها لا تراهن على الجاد.. ولا تُنازل على القيِّم.. فهي في بادرتها تلك.. تعاود العزف على وترٍ تدرك سحر إيقاعه وضراوة تأثيره..
** ولأننا في زمن قلَّ فيه الحياء.. وتكالبت فيه معاول الهزيمة.. فإن ما يهم تلك ومثيلاتها.. هو المكسب انطلاقاً من (مبدأ سائد) تسوَّلته ورصيفاتها.. (اللي تغلبُّه إلعبُّه).. أما وقد بدأ مشاهدوها يدركون ارتواء ساحات وعيهم وبيوتهم بنقيعة الابتذال.. فلا مناص من إعادة تسويق (ممنوع التدخين) لدى عقل أُشرب منذ طفولته.. الألفة مع (ممنوع) ومرادافاتها.. حتى أصبحت قسيمة وعيه المنهك بتشظياتها..!
** كل ما بثَّته وتبثُّه تلك (القناة) لن ينال من قيم الناس، ولن يفتك بما يحرصون عليه من تربية مثلى وسلوك محترم.. أو فن رفيع.. كل ما صدَّرته لهم وأغرتهم وأغوتهم به.. لن يخترق ممانعتهم للمعيب والمنبوذ والتافه.. فقط.. (هو التدخين).. الذي ما إن تمنع بث مشاهده.. حتى ننعم بحياة (بلا تدخين).. ولا بأس إن تآكلت بعض القيم بنيران العروض البذيئة.. والمشاهد الساقطة والأفكار والاهتمامات الرخيصة.. ولله الأمر من قبل ومن بعد..
md1413@hotmail. com