يبدو أن الاتحاد السعودي عطوف جداً وحنون جداً ولذلك يوقع عقوبات على اللاعبين الذين بدر منهم سوء سلوك ثم يظل يؤنبه ضميره الحي ولا يرتاح حتى يخففها إلى نصف المدة..
وعلى ذلك فقد عرف الجمهور الرياضي العقوبة الحقيقية؛ فعندما تكون العقوبة إيقاف لمدة ستة أشهر فهي ثلاثة أشهر، وعندما تكون شهرين فهي شهر، وعندما تكون مباراتين فهي مباراة واحدة، ولذلك يتساءلون لماذا ؟ والحال هذه لا تقْسمْ العقوبة على اثنين من الأول ويريحون الأندية ويريحون أنفسهم من الإجراءات الإضافية..
المفروض أن تكون العقوبة على قدر الفعل، فهي تأديبية، الهدف منها الردع عن ممارسة سلوك خاطئ، وتكون بعد دراسة وافية لكل ملابسات الحدث بحيث تكون مقنعة للاعب والنادي والجماهير الرياضية، وعندما توقع لا تفك ولا تخفض إلى نصف المدة بأي حال من الأحوال حتى لو حصلنا على بطولة العالم..
وبغض النظر عن ماهية الأندية التي تخفف عن لاعبيها العقوبات إلى النصف، وهي معروفة ، فإن مبدأ تخفيف العقوبة يناقض الهدف منها؛ فاللاعب الذي تخفف عنه العقوبة سيتكرر منه الخطأ الذي استحق عنه العقوبة واللاعب الذي يخاف من ردع العقوبة قد يتساهل إذا عرف أنها ستخفف بمجرد تقديم التماس من ناديه بعد انتهاء نصف المدة..
وفي هذا الصدد أعجبني موقف رئيس نادي الاتفاق، عندما امتنع عن تقديم التماس لتخفيف العقوبة إلى نصف المدة عن أحد لاعبيه المهمين، إثر سوء سلوك صدر منه على الرغم من حاجة النادي في المباراة القادمة، معللا ذلك بأن اللاعب ارتكب خطأ سلوكياً واضحاً، وبالتالي يجب أن ينال عليه كامل الجزاء.. على الرغم من أن البعض قد يعتبرها مثالية في زمن واقعي جدا لا يحترم فيه المثال، وقد يرى آخرون أنه يعرف أنه حتى لو تقدم بالتماس فإن العقوبة لن تخفف لأنه ليس من الأندية الكبار، فيكون التصريح بمثابة تسجيل موقف!!
من صالح الكرة السعودية أن تكون العقوبات نافذة وقوية بعد أن تفرض بناء على تقارير لجان فنية وإدارية دون محاباة لأحد.. ثم لا تنقض بأي حال من الأحوال حتى تحترم وتحتفظ بمصداقيتها وبالتالي هيبتها فلا تخترق لاحقاً..
إن احترام القانون يرتبط باحترام القائمين عليه له، وثبات أحكامه وعدم ميوعتها، ولا نقول مرونتها إذ المرونة مطلوبة في بعض الأحيان.
يقال في المثل (من أمن العقوبة أساء الأدب) ونقول: إن من علم أن العقوبة لن تنفذ سوف يسيء الأدب، وإن من رفعت عنه العقوبة بانتهاء نصف المدة سوف يسيء الأدب فلنحترم النظام ولنحترم قراراتنا.
كرت أحمر:
إن رؤساء الأندية يذبحون الحكام بانتقاداتهم القاسية بعد كل لقاء خاصة إذا كانت فرقهم مهزومة، وهم ساهموا مع صحافة الأندية في هبوط مستوى الحكام ولذلك يجب أن تتخذ عقوبات رادعة تجاه رؤساء الأندية الذين يتفوهون بعبارات انتقادية قاسية بعد كل مباراة تؤثر سلبا على الحكام وتثير الجماهير ضدهم.. إن من وسائل الارتقاء بمستوى الحكام حمايتهم من تسلط رؤساء الأندية والصحافة المتحيزة.
عبدالله العرفج