كثير من القضايا المحلية وقعت في صراع وصاية بين الأطراف المتنازعة في المجتمع، واعتقلت في مساحة رماية مكشوفة بين ما يسمى بالنيران والنيران الصديقة، وهي في تسمرها المذعور هناك اكتست بالكثير من الأساطير والمحرمات والتابو، الذي جعل منها أمرا يحتاج إلى مراجعة ونظر حتى من أصحاب القرار السياسي.
المفارقة هنا أن هذه القضايا جميعها تتعلق بالمرأة حيث مبدأ الوصاية يبدو مبررا ومسوغا ثقافيا على اعتبار أن النساء في إطارنا الثقافي ما برحن يكابدن تهمة القصور وعدم الأهلية.
من أبرز هذه القضايا التي وقعت في مساحة التراشق، هي قضية قيادة المرأة للسيارة، فعلى الرغم من كونها بدهية قد حسم العالم فيه أمرها منذ سنين إلا أننا ما برحنا الدولة الوحيدة في العالم التي لا تقود فيها المرأة السيارة.....لماذا؟؟ ببساطة لأنها قضية أصبحت محل نزاع وتوتر بين اتجاهين أو تيارين في المجتمع، هذا النزاع الذي غيب عدالة القضية الرئيسة، واستبدلها بخطاب الكراهية والتشكيك والتخوين، والتهم الملفقة.
القضية الأخرى هي قضية عمل المرأة في محلات بيع الملابس النسائية، فعلى الرغم من كون الأمر محصلة طبيعية تحقق راحة نفسية للمتسوقات في ما يتعلق بمساحات خاصة في حياتهن، لا تحتاج حتى نظر أو توقف عندها, إنها ببساطة كمدخل النساء الذي نراه في الأماكن العامة والرسمية، إلا أن طرحها من قبل جهة معينة! قوبل بهجمة عارمة وظف فيها الدين كسوط يلسع من يخطو أو يحاول التقدم، جميع هذا أجهض المشروع وأوقفه، وبقي الفتي الأجنبي المغترب المحروم يبيع الملابس النسائية.... للنساء, وبقيت النساء الوطنيات البائعات يتناثرن على أطراف الأسواق الشعبية عرضة للقر والحر وصنوف لا تحصى من المضايقات.
الأمر الثالث الذي يندرج في هذا المجال أيضا هو رياضة النساء، فعلى الرغم من أن الرياضة النسائية في السعودية قدمت مشروعها في السعودية كي تمارسها النساء وفق ضوابط شرعية وخصوصية محلية فإنها ما برحت تابو محرما ترفض الكثير من الجهات مقاربته وحتى الحديث عنه، و(من يرى الممشى الذي يتريض به الجميع في طريق الملك عبدالله، يرى مشهدا مدنيا بشريا جميلا، حيث يستفيد سكان المدينة من المرافق والحدائق ولا تبقى حكرا على الأجانب والعمال) لكن يبدو أن قضية الرياضة الخاصة بالنساء قد اندرجت في مساحة التجاذب والتنافر ومحاولة التركيع ولوي اليد من قبل الأطراف المتنافرة.
قد لا تكون هذه هي القضايا الوحيدة التي تندرج في هذا النطاق ولكنها قد تكون من أبرزها حيث غيب تشنج الأطراف عدالة هذه المشاريع على الرغم من أهميتها في قائمة أولويات النهضة والتنمية المحلية، تحت ستار المحرم والمحذور والمكروه.
ومن هنا بالتحديد تبرز أهمية القرار السياسي في هذا المجال القرار السياسي الذي يحسم الموضوع لصالح المستقبل والتنمية والإصلاح والغد المتفائل، تماما كما حسمت قضية تعليم المرأة قبل ذلك بقرار سياسي سامي ونبيل من قبل المغفور له جلالة الملك فيصل يرحمه الله.