دعا الإسلام إلى وجوب الستر والحياء، وهي صفات ربانية كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله حيي ستير يحب الحياء والستر). وتأتي أهميتها كونها من الفضائل التي تجمِّل الإنسان سواء كان رجلا أو امرأة، إلا أنه يحسن في المرأة بل هو مطلوب. فالحياء لا يأتي إلا بخير.
وحين نتأمل بعض المفارقات التي تحدث في مجتمعنا نصاب بالدهشة والعجب، بل قد يثير في نفوسنا الأسى والحزن. ولعل الكثير منا لمس ذلك أو شاهده، وهو حرص بعض الفتيات أو النساء على وجه العموم على الحياء والستر والمبالغة في الاحتشام أمام الأقارب أو المعارف من الرجال، بينما تجدهن في أماكن أخرى يهملن الحجاب أو بالأحرى يتراخين غالبا عن الستر أمام أشخاصٍ آخرين من غير المحارم! وإن المرء ليخشى أن تنزلق المرأة في مستنقع النفاق حيث تظهر التستر في غير موضعه وتبدي التبرج في غير مكانه، حتى لقد أصبح ذلك الحال مألوفا في حالات السفر للخارج حين تتخفف المرأة من لباسها الشرعي وقد تتخلى عنه، بينما تجدها تصاب بالحرج والخجل حين تقابل أحد الرجال من معارفها أو بلدها! كما يبدو ذلك التهاون ظاهرا مع السائق، أو أمام الخياط أو مع البائعين في السوق، أو الأطباء حين الكشف على ما لا حاجة لها في الكشف عنه. وما يثير الغيرة على السيدات تعمد البعض منهنّ إسماع ضحكاتهنّ وتوصيلها للرجل رغبة في جلب الأنظار والأسماع لجمالها أو نعومة صوتها دون وازع من دين أو مانع من حياء! فكيف تبيح لنفسها كشف وجهها أو ترقيق صوتها أو إظهار مفاتنها أمام الرجل؟!
ولو طرحت هذا التساؤل على العقل لوجدت أن ذلك مردُّه تبدد الحياء وسقوط حرمة التستر من القلوب، وطغيان مشاعر الغرور والزهو والتعالي في النفوس، حيث ترى بعضهن عدم اكتمال الشخصية الجذّابة إلا بالجرأة وقلة الحياء مع الرجال الغرباء، وتهميش الرجل أيا كانت مهنته برغم كونه غريبا وأجنبيا لا يجوز أن تظهر أمامه إلا بكامل حجابها وضافي سترها.
وحين شرع الله عز وجل الحجاب وفرضه على المسلمات فإنه رفعة لشأنهن وصيانة لهن من التبذل والتهتك، وحماية للمجتمع من المفاسد والرذائل المترتبة على التبرج. وهذه أمهات المؤمنين والصحابيات في زمن الرسالة النبوية قد بلغن الغاية من الطهر والعفة والحياء والحشمة، إلا أنهن أمرن بالستر وحماية أنفسهن من موجبات التبرج.
وبرغم استهجان المجتمع لهذه الظاهرة الغريبة إلا أنه يبدو متسامحا ولا يبدي إنكارا لها بدعوى (ما علي من أحد، وأخاف يزعلون) والمشاهَد أن تلك الظاهرة أصبحت تكبر وتعظم - مع تهاون المنكرين لها- حتى لقد انتشر شررها وعم ضررها وبدأ يصعب تغييرها!!
وحيث إن في العفاف سموًّا وطمأنينة، وفي الستر والحشمة اعتزازا وتميزا، فإنه يلزم عدم التهاون أو التسامح مع هذه الظاهرة، فالقضية شرعية وليست مبدأ وقناعة فحسب!!
***
سُئل الإمام أحمد: متى يجد العبد طعم الراحة؟ فقال: عند أول قدم يضعها في الجنة!!
rogaia143@hotmail.Com
ص.ب 260564 الرياض11342