السعي الدائم نحو الأفضل وتلمس أسباب تطوير الذات ينبغي أن يكونا ديدن المشتغلين بقطاع التعليم، وخصوصاً المعلمين والمعلمات الذين تقل أمامهم فرص التدريب والتطوير الرسمي المعد لهم من قبل الجهة الحاضنة لهم أو لنقل التي يعملون تحت مظلتها وأعني بها وزارة التربية والتعليم لدينا.
ومن هنا كان لزاماً عليهم شحذ هممهم، والعمل بدافع ذاتي من أجل الرفع من قدراتهم وإمكاناتهم التدريسية؛ حتى تتحقق لهم الكفاية التي تجعل منهم معلمين ومعلمات أكفاء في مجالات تخصصهم. ويأتي على رأس هؤلاء معلمو ومعلمات اللغة الإنجليزية الذين يجب أن يسعوا دوماً لتطوير ذواتهم في مجالين رئيسيين هما: الجانب اللغوي، والجانب التربوي. وهذان المجالان ليسا منفصلين بعضهما عن بعض، بل على العكس هما متلازمان وملتصقان بعضهما ببعض التصاقاً وثيقاً. وهما أيضاً مجالان ضروريان لكي يرقى مستوى معلم ومعلمة اللغة الإنجليزية. وسيدور رحى المناقشة في هذه المقالة حول المهارات اللغوية التي يجب أن يهتم بها معلمو اللغة الإنجليزية، وقنوات، أو سبل تطويرها، وما هي الأمور التربوية التي يجب أن يدركوها ويعملوا بمقتضاها؛ حتى يصبحوا معلمين أكفاء للغة الإنجليزية.
مجالات التطوير اللغوي
يعد الجانب اللغوي الركيزة الأولى التي ينبغي أن يوليها معلمو اللغة الإنجليزية حيزاً كبيراً من اهتمامهم، وأن يسعوا جاهدين لتطوير مستواهم اللغوي. وحتى يمكن للمعلم والمعلمة أن يكونوا معلمين أكفاء يجب عليهم أن يسعوا دوماً لتطوير أنفسهم فيما يتعلق بالمهارات اللغوية الأربع الرئيسة: مهارة الاستماع، والقراءة، والكتابة، والمحادثة. وتعد مهارتا الاستماع والقراءة مهارتين لغويتين تحتاجان إلى جهد أقل نظراً لأنهما من المهارات الذاتية التي يمكن للمعلم والمعلمة بمجهودهم الذاتي أن يرفعوا من مستواهم اللغوي فيهما، وأيضاً لتوفر العديد من الفرص والوسائل الكثيرة التي تجعل أمر التطور فيهما يسيراً نوعاً ما بالمقارنة بالمهارات اللغوية الأخرى؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن للمعلم أن يزيد من قدرته السماعية من خلال تبني عادة الاستماع، أو مشاهدة الأخبار التي تذاع باللغة الإنجليزية، والحرص على متابعة البرامج الإذاعية والتلفزيونية التي يكون لغة الخطاب فيها اللغة الإنجليزية، وينبغي عند القيام بذلك ألا يكون الهدف محاولة فهم ما قيل فقط، وإنما أيضاً محاولة تلمس، ومن ثم محاكاة طريقة التعبير السليمة. والأمر نفسه يمكن أن يقال بالنسبة لمهارة القراءة؛ فسهولة الحصول على مصادر قرائية متنوعة من خلال الصحف، والمجلات، والكتب، والإنترنت، جعل أمر تطوير مهارة القراءة أمراً يسيراً. ويمكن رفع المستوى القرائي من خلال تبني عادة القراءة المكثفة التي تقود إلى رفع مستوى المحصول المعجمي أو المفردي لدى معلمي اللغة الإنجليزية، وزيادة السرعة القرائية، ومعرفة التراكيب والصيغ اللغوية للغة الإنجليزية، ورفع مستوى الفهم القرائي بشكل عام.
وفي الجانب الآخر يمكن اعتبار تطوير مهارتي الحديث والكتابة أكثر صعوبة. وتكمن صعوبة إتقان مهارة الحديث في أن الحديث غالباً ما يكون تلقائياً؛ إذ ليس لدى المتحدث وقت كاف ليعد ما يريد قوله، ومرد ذلك أيضاً إلى شعور المرء الداخلي بأنه محط الأنظار. وإضافة إلى ذلك يظن الكثير من معلمي اللغة الإنجليزية أن بعضاً من عناصر اللغة مثل إجادة النطق، والتناغم، والتركيب البنائي للجملة الإنجليزية أمور عسيرة المنال. وإلى حد ما يمكن اعتبار هذه المخاوف صحيحة، ولكن المطلوب من معلمي اللغة أن يضعوا تلك المخاوف والعقبات جانباً وأن يبحثوا عن كل فرصة لممارسة الحديث باللغة الإنجليزية؛ فاستخدام اللغة الإنجليزية بكثافة يعتبر أحد الطرق الناجعة لتطوير الذات في هذه المهارة. وأيضاً يمكن للمعلم أو المعلمة ممارسة الحديث باللغة الإنجليزية مع الزملاء وحتى التلاميذ؛ وذلك لندرة توفر فرص الحديث مع متحدثي اللغة الإنجليزية في بيئة مثل بيئتنا. ويمكن أيضاً للمعلم أو المعلمة تمثيل أو محاكاة بعض المواقف اللغوية مثل تخيل إلقاء أو تقديم محاضرة صغيرة أو تقديم تقرير صغير. وممارسة هذه الأنشطة مجتمعة، أو منفردة، يمكن أن تسهم في رفع مستوى الكلام، أو الحديث لدى معلمي اللغة الإنجليزية؛ لأن الاستعداد المسبق يساعد على رفع الطلاقة والدقة. وهنا يجب تأكيد أمر مهم يحسن بمعلمي اللغة الإنجليزية أن يستحضروه دوماً وهو أن تركيزهم يجب أن يكون أكثر على محتوى ما يودون قوله أكثر بمراحل من دقة صياغته. وعليهم أيضاً أن يدركوا أن الخطأ وارتكاب الأخطاء اللغوية أثناء الحديث جزء من عملية التطوير لمعلم اللغة، والتي بمزيد من التدريب والممارسة يتوقع أن تتلاشى أو لنقل تندثر شيئاً فشيئاً.
وبجانب مهارة الحديث تأتي مهارة الكتابة باللغة الإنجليزية متساوية معها في الصعوبة. وصعوبة الكتابة، أو بالأحرى إتقان مهارة الكتابة ليس حكراً على متعلمها كلغة ثانية، ولكن أيضاً على متحدثها الأصلي. بل إن كثيراً من متحدثي اللغة - أياً كانت تلك اللغة - كلغة أمّ يجدون صعوبة في التعبير عن ذواتهم كتابياً. وهذا كله لا يعني استحالة تطوير مهارة الكتابة باللغة الإنجليزية، ولكنه في الوقت نفسه يشير إلى أن تطوير هذه المهارة يتطلب مجهوداً مضاعفاً من معلمي ومعلمات اللغة الإنجليزية؛ فمن الطرق التي يمكن من خلالها لمعلم اللغة الإنجليزية اتباعها لتطوير مهارة الكتابة الاعتياد على كتابة وتدوين ملاحظاته باللغة الإنجليزية، وكذلك قوائم التسوق، والمذكرات القصيرة، وجداول العمل. وأيضاً يمكن القيام بكتابة مذكرات انطباعية لمقالة تمت قراءتها في جريدة أو مجلة، إضافة إلى ذلك يمكن الاستفادة من الخدمات التي تقدمها الإنترنت، وبخاصة خدمة البريد الإلكتروني، والقوائم البريدية الإلكترونية والمنتديات ذات الطابع الأكاديمي ذات العلاقة بتعليم وتدريس اللغة الإنجليزية كلغة ثانية أو أجنبية.
مجالات التطوير التربوي
والجانب الثاني أو الركيزة الثانية التي يحتاج معلمو اللغة الإنجليزية أن يسعوا دوماً لتطوير أنفسهم فيها، هو الجانب التربوي أو التعليمي. وحتى يمكن للمعلم والمعلمة تحقيق ذلك فإن عليهم أن يعملوا على فهم وإدراك القضايا ذات العلاقة بتعلم الإنسان للغة الثانية، ومعرفة الطرائق المثلى لتعلم اللغة الثانية. وحتى يمكن للمعلم والمعلمة معرفة كيف يتعلم الطالب أو الطالبة اللغة الثانية يجب عليهم الإلمام بحقائق وقضايا عديدة تؤثر في عملية تعلم اللغة الإنجليزية مثل عامل السن في تعلم اللغة الأجنبية، وقضية الدافعية، والقدرات الذهنية، وطرائق التعلم؛ فهذه القضايا تتم دراستها، والبحث فيها باستمرار؛ ولذا يجب على معلم اللغة الإنجليزية متابعة جديد الدراسات والبحوث فيها؛ حتى يتمكن من إيجاد نوع من العلاقة بين نتائج هذه الدراسات والممارسة التعليمية الميدانية داخل الصف.
ومعلم اللغة الإنجليزية يجب أن يتبنى مبدأ (الديناميكية) - إن صح التعبير -؛ فالمعلم يجب أن يبحث دوماً عن الطرق الأفضل التي تمكنه من مواجهة التحديات المصاحبة لعملية تعليم وتدريس اللغة الإنجليزية؛ فتدريس اللغة الإنجليزية للأطفال يختلف عن تدريسها للبالغين، وظروف تدريسها في مكان وبيئة ما ليس بالضرورة أن يتوافق مع تدريسها في مكان آخر، وتدريسها لأهداف أكاديمية يختلف عن تدريسها لأهداف تجارية أو سياحية، على سبيل المثال؛ لذا على معلمي اللغة الإنجليزية استحضار هذه الفروق، وتكييف وتغيير طرق تدريسهم حسب ما تستدعيه هذه الاختلافات والفروقات، والعمل دوماً على تثقيف وتعليم أنفسهم بما تتطلبه هذه الفروقات وما هي الطرق الأنجح للتكيف معها ومع متطلباتها.
وهناك العديد من المجالات التي يمكن من خلالها لمعلمي اللغة الإنجليزية تطوير قدراتهم التدريسية مثل حضور ورش العمل التربوية المتعلقة بتعليم اللغة الإنجليزية، والمؤتمرات ذات العلاقة، والندوات، سواء تلك التي تعقد في الداخل أو الخارج، وبرامج التعلم عن بُعد، والاستفادة من الحوارات والمناقشات التي تتيحها منتديات الإنترنت الخاصة بتدريس وتعليم اللغة الإنجليزية. وأيضاً بإمكان المعلمين والمعلمات القيام بما يسمى بالبحوث الانطباعية التأملية المستقاة مباشرة من عملهم التعليمي داخل فصول اللغة الإنجليزية Reflective Teaching Research وعمل البحوث العملية التي يكون الغرض منها محاولة الوصول إلى حلول لقضية، أو مشكلة تعليمية ما Action Research وهذا النوع من البحوث ينطوي على محاولة المعلم والمعلمة الدائمة على ملاحظة، وتحليل، وتقييم ذواتهم، وطرقهم في التدريس. والهدف من ذلك كله محاولة تلمس أسباب النقص والخلل في طرق التدريس المتبعة في محاولة جادة لإفادة المتعلمين بأفضل الطرق؛ وبالتالي تهيئة الأجواء لجعل عملية تعلم اللغة الإنجليزية أكثر سهولة. وكلا النوعين من البحوث والدراسات المشار إليها آنفاً ينبغي أن يجريا بطريقة منتظمة، وأن يستفاد من نتائجها في إجراء تغيير في طريقة التدريس. ويحسن دائماً أن يدعم ذلك بما أقرته الدراسات والبحوث والنظريات العلمية ذات العلاقة.
وهكذا يتضح أن هناك العديد من المجالات التي يمكن لمعلمي ومعلمات اللغة الإنجليزية طرقها كي يرفعوا من قدراتهم اللغوية والتربوية وذلك كله مرهون بالرغبة الجادة منهم بطرق هذه الأبواب، والسعي الدؤوب نحو تطوير مستوياتهم، وإيمانهم أنهم سيظلون متعلمين طيلة فترة حياتهم العملية المنطوية على أبناء وبنات جلدتهم اللغة العالمية الأولى، واستثمار ذلك كله سعياً للوصول إلى درجة أفضل لغوياً وتربوياً؛ وبالتالي الانتقال أو الانضمام لمجموعة معلمي اللغة الإنجليزية الأكفاء في عصبي مجال تعليم وتدريس اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية.
alseghayer@yahoo.com