Al Jazirah NewsPaper Friday  19/12/2008 G Issue 13231
الجمعة 21 ذو الحجة 1429   العدد  13231

نوازع
كلمات في الذم
د. محمد بن عبدالرحمن البشر

 

قيل: فلان غوره أقرب قريب، وقلبه مورود القليب، فسرائره مكشوفة، ودخيلته معروفة، كتمانه إخبار، وتدبيره إدبار، رأيه وراء، وساحته عراء.

حسه هامد، وفهمه جامد، لايعرف الرشد من الغي، ولا يفرق بين التقبيل والكيِّ. طلل بال، لايخطر على بال. الشمس عنده سهى، والحمق نهى، لا يعلم رأسه، من أين أنفاسه، ولا يدري دماغه، أين أصداغه.

وقيل: همه جواز يومه، وحلاوة نومه. أعلى همته، إرجال جمته، واعتدال عمته، وأسر سروره، تناهي قدوره، وترويق شروبه، أعداؤه سمان، في أمان، وأولياؤه في هزال، وانتظار النكال، حسن الظن بالزمان، وضروب الحدثان، رائح القرائح، ساكن الجوارح، مسرور مغرور، ثاني العطف عن الناصح، متعام عن الأمر الواضح، مستغن بعبده، عن جنده. متشاغل بالأنياب الطاحنة في فمه، عن الأنياب الوالغة في دمه. ينام عن مسهرات الأنام، وعن جب الغارب والسنام. فكرته ساهية، وخواطره لاهية، وقواعده واهية، حتى تبغته الدهية.

وقيل: يجود الجلمود، ولايجود، ويعود إلى إثماره يابس العود، وهو لا يبدي ولا يعيد. كيسه مغلق، وبنانه مطبق، وداره سملق، وجيشه مملق، وميزانه حبيس لايطلق. كفتاه ككفيه لاتذيبهما النار، ولا يعرفان الدرهم ولا الدينار. وأكياسه كالنقد، قد خنقتها العقد. يده حافر وقاح، وقفله ليس له مفتاح . تمر - الأيام، ولايشم له طعام، لو ملك طوفان نوح، لم يسمح منه بشربةٍ لظمآن مجروح.

وقيل: هو يوم المطاعنة، ولد الملاعنة. لا حسب يقاتل عنه، ولانسب يستحيي منه. يراعه ترعد، وتقوم وتقعد. إذا الحرب دعت أبطالها، وزلزلت الأحشاء زلزالها، نخب ما بين جنبيه، وغاب السواد من عينيه، مهزمة لجنوده، ومهده لعدته وعديده. يوسع أعذار الفرار، ولا يرى على الجبناء من عار. بيناه في أول الرعيل ضارب، إذا به وراء الساقة هارب.

يزحف عند الزحف، إلى الخلف، ويروعه الواحد وهو في ألف. لو كان سور مدينة لسار، ولو ربط إليه الطور لطار، إن هذا في الحرب من بني العنبر وأدهش من مستطعم الماء على المنبر. إذا ثار القتام، سقط من كفه الحسام.

وخبر بني العنبر، أشهر من أن يذكر، وقريط منهم ولما استنجدهم فلم ينجدوه قال:

لكن قومي وإن كانوا ذوي عددٍ

ليسوا من الشر في شيءٍ وإن هانا

يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرة

ومن إساءة أهل السوء إحسانا

كأن ربك لم يخلق لخشيته

سواهم من جميع الناس إنسانا

ومستطعم الماء على المنبر خالد القسري عامل هشام بن عبدالملك على العراق. دهش يوم الجمعة في حرب الخوارج وهو على المنبر، فقال: أطعموني ماءً فقيل فيه:

هتفت بكل صوتك أطعموني

شراباً ثم بلت على السرير

أعلم أن القراء الكرام أبعد الناس عن هؤلاء اللئام لكن الأديب يقول دون تثريب، فاعذروه رحمكم الله.

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6227 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد