Al Jazirah NewsPaper Thursday  18/12/2008 G Issue 13230
الخميس 20 ذو الحجة 1429   العدد  13230
هل نحن نفتقد المواجهة؟ أم سياسة الهروب هي الحل الأمثل؟
سلمان بن عبدالله القباع

لا نعتقد أن كل ما يُعمل به أو يقال عنه يعتبر قاعدة ثابتة، فكثير منا قد يعمل ويتفوه بكثير من الحوارات، ولا تجد من يصغي لها، فهناك اختلاف كثير بين العقول.. فالفئوية من البشر لا نجد أنهم يتفقون فيما بينهم، معللين معرفتهم بمحيط أفكارهم مُعطين عدم الالتفات للغير.

المواجهة هي ما يرتاح له الضمير ويعترف بما عمل من خطأ أو تقصير، فكل الشعوب في دول العالم لديها من يخطئ ويقصر في أداء واجباته.. كالذي يقصر في أداء فروضه الشرعية.. في الآخر نجد من يصحو ويؤنبه ضميره وما عليه إلى التوبة والاستغفار.

الضمير هو المحك الرئيس لاستمرارية الإنسان نحو عمله، كل عملية بحراكك اليومي الضمير عنصر أساسي موجود فيها، وأنت وضميرك، أنت وما تعمل، وافتقاد الكثير سمات الإنسانية وعدم محاسبة النفس هي من أهم أسباب فقدان الضمير واستمرار الشخص متخبطا مع نفسه.. إن رسم الصورة للآخرين بالكلام الجميل هي مجاملة وقتية، ولكن عند وقوع الأخطاء الهروب يكون الحل الأمثل، الكمال لله جل شأنه ولكن هناك من (تأخذه العزة بالإثم) ويستمر بكبريائه، فالاعتراف بالشيء هو ما يجسد تواصل الإنسان مع نفسه ويكون طريقه أسهل للوصول للآخرين.. الخطأ وارد فقد قال تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أو أَخْطَأْنَا} فهناك من يخطئ بكتابة مقال ما، وهناك من يخطئ بعملية ما، حتى صاحب الفتوى يُخطئ ولكن يتراجع ويرفع رأسه معلناً خطأه ويتراجع.. هنا نجد قوة المواجهة الحقيقية.

إن عملية الخوض بمعركة الرؤية وبثها عبر قنوات تحتضن كثيرا من العقول، تنتظر ما هي الرؤية وما هي الأسباب وغيرها، والإعلام بعناصره الثلاثة هو الشاهد الحقيقي لكل عملية.. فنحن نلاحظ كثيراً اصطداما بين كاتب معين وبين قارئ.. الكاتب لديه قناعة بما يكتب ولديه إلمام كامل حول رؤيته، نعلم أن تلك الرؤية لا تكون هي الحقيقة أو هي التي تنقص الكثير من المجتمع ولكن تبقى وجهة نظر ليس إلا.. وتكون أيضاً نظرة يحتاج إليها الكثير منا، والمواجهة مع الكُتاب في الصحافة تأتي بفتح حوارات ومقارعة الحجة بالحجة.. ولكن نلاحظ أن ثمة كُتابا صحفيين لا يعطون للقارئ مبالاة.. فقد يكتب وينشر مقاله من دون أن يضع حسبان أن هناك قراء لديهم مخالفة لما يكتب.. هي مسألة قناعة لدى الكاتب ولا نعلم عدم الخوض بمواجهة القراء حتى حينه.. والقارئ لديه اهتمام بمحاولة الرد وهناك من يعقب على مقالة ما ولديه إسناد قوي ودليل واضح وشعاره قبل كل شيء احترام وتقدير للكاتب وهناك العكس، ولكن بطريقة المواجهة عبر المواقع الإلكترونية وقذف الآخر هي ليست حلولا وليست البحث عن ما يسمى الحوار ومقارعة الآخر، ولكن هو مرض موجود بكثير من يملكون سمات القذف والتعرض للشخص وحياته، لا عليهم سوى الضغط على لوحة المفاتيح وكتابة ما يريدون ويتم الإرسال!! شيء موجود في انفسهم ويشفي غليل ما في قلوبهم ولكن في الآخر نشفق عليهم ونحمد الله كثيرا على نعمة العقول، ويا ليت على أنفسهم فقط ولكن لديهم أبناء ويا حسرتي!!

كذلك مسائل عدة شاهدناه تتوالى حولنا ونأسف لعدم وجود اكتراث من بعض المسؤولين بوضع النقاط على الحروف.. فمثلا مسألة هبوط الأسهم أقرب دليل، لماذا لم نر مسؤولا بهيئة سوق المال أو بعض المختصين، لماذا لا نراهم مطلين على شاشة التلفاز أو عبر صحيفة ما ويواجهون المساهمين بأسباب الانخفاض أو على أقل تقدير تخفيف المعاناة وإعطاء أمل ودعم معنوي للمساهم؟

أين الحوارات والمواجهات التي تطفئ نار الكثير من المتضررين من الأسهم؟ نعلم أن الرجل المناسب في المكان المناسب، ونعلم أن الإنسان مهما بلغ من العلم عتيا لا بد أن يكون لديه أخطاء، فالكمال لله جل شأنه.. ولكن خطأ وهروب هنا تكمن المشكلة، الأخطاء الطبية قرأنا عنها كثيراً ولم نر أي مسؤول (لديه الشجاعة) ويواجه بذلك.. والكلام يكثر حول هذه المسألة فهناك المعلم وعدم قدرته على توصيل المادة التعليمية على أكمل وجه، ويؤسف الكثير أن نسمع بأن كثيرا من الطلاب متذمرون من سوء أداء الأمانة الموكلة من بعض المعلمين، وهي ضريبة الاستعجال باختيار من يربي أجيالنا!

لماذا لا يتم محاسبة المعلم وعمل اللازم لكي يكون هناك مظلة مراقبة تعتمد على القصور الواضح من قبل المعلمين؟ ويؤسفنا أن السكوت هو ما يراه المسؤول (في المدرسة) ويغطي أخطاء زملائه.. حل وقتي وليس حلا أمثل يمتد لكي يستفيد منه من بعده.

أنت كتبت، أنت أفتيت، أنت أخطأت، واجه الآخر بأخطائك فالاعتراف هو ما ينقص الكثير، الكبرياء والمكابرة ليست حلاً..!



s.a.q.1972@gmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد