إن المعارض التجارية والصناعية والمحافل العامة التي تشهدها المملكة العربية السعودية وبالأخص مدينة الرياض تشكل بيئة حضارية لعرض التطورات العلمية والصناعية بالإضافة إلى أنها أسلوب متميز في تسويق المنتجات التجارية، وقد دفع تطور أسلوب العرض في هذه المعارض والمحافل إلى زيادة الإقبال عليها من جميع الفئات العمرية وهي بدورها مركز جذب زوار من خارج المدينة ومن خارج المملكة العربية السعودية وذلك بخصوص المعارض الدولية (معرض الكتاب، معرض جايتكس على سبيل المثال) والمحافل العامة (الجنادرية على سبيل المثال).
وحيث إن الزائر لهذه المعارض والمحافل يواجه مشكلة متكررة تتمثل في عدم توفر المواقف المناسبة، وهذا يسبب عدداً من المضاعفات منها الاختناقات والازدحام في الحركة المرورية، وإزعاج سكان الأحياء المجاورة، واستهلاك المواقف المخصصة للأنشطة الأخرى. هذا إلى أن بعض المعارض والمحافل تقام في مناطق مزدحمة بالأساس ومجاورة لمراكز تسويق ومراكز لخدمة المراجعين (معارض الرياض الدولية تجاور الخطوط السعودية على سبيل المثال) أو بعيدة عن النطاق السكاني (الجنادرية على سبيل المثال).
وممكن التغلب على هذه الظاهرة بأسلوب حضاري، وذلك باستخدام وسائل النقل الترددي حيث تساهم في رفع عدد الزوار وتهيئة البيئة الأنسب في إقامة المعارض والمحافل والمشاركة في القضاء على السلبيات ووسائل النقل الترددي عبارة عن وضع محطات إركاب لاستقبال الجمهور والزوار، ثم نقلهم إلى المعارض أو المحافل العامة ثم العودة بهم وفق مواعيد محددة وثابتة.
ولعل المثال البارز التطبيقي لهذا الفكرة هو تأمين وسيلة نقل ترددية في الجامعات لنقل الطلاب، حيث تعد الجامعات بيئة مثالية لإقامة مثل هذا الأنشطة، وكذلك لو وضع محطة إركاب لاستقبال ونقل زوار المعارض والمحافل في مطار الملك خالد الدولي حيث يعد المطار الواجهة للزوار من خارج المملكة القادمين عن طريق الجو، وكذلك تأمين محطات إركاب في مناطق التجمع السكاني في شمال وجنوب وشرق وغرب الرياض. فلو تم تأمين وسائل النقل الترددي المجاني وفق الكيفية السابقة لأسهمت في رفع ثقة المواطن في النقل العام والذي بدوره يهدف إلى الرقي الثقافي والاجتماعي والاقتصادي لدى المجتمع، بالإضافة إلى تقليل التلوث البيئي والضوضائي.
ولا أنس ذكر تجربة وزارة الحج في تطبيق نظام النقل الترددي لعام 1428 لنقل الحجاج في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة حيث ذكر وكيل الوزارة المساعد لشؤون المشاريع الدكتور سهيل بن عبد الله سرور الصبان أن النقل الترددي أسلوب مطور لتنظيم كافة الجوانب المتعلقة بنقل الحجاج بين مكة المكرمة والمشاعر المقدسة عبر طريق مستقل ذي اتجاهين لذهاب وعودة الحافلات داخل مسار محكوم باستخدام محطات إركاب. أشار إلى أن النقل الترددي سيساهم في تخفيض عدد الحافلات المستخدمة في النقل بنسبة 40% ورفع سعة طرق النقل كما يسهم في تخفيض نسبة التلوث الهوائي بنسبة 75% لما له من مزايا من ناحية الوقت إذ يخفض زمن الانتقال من عرفات إلى مزدلفة بنسبة 90% وزمن وقوف الحافلات بمزدلفة بنسبة 97% كما يساعد على الاستغناء عن مواقف الحافلات بالمشاعر المقدسة واستخدامها كمساحات لنزول الحجاج (جريدة عكاظ عدد2372 السبت 6-12-1428هـ).
ولا يخفى ما قد يتبادر من سلبيات لهذا الاقتراح من تفاوت الوعي الثقافي والاجتماعي لدى الجمهور والتكلفة المبدئية وهي نقاط سلبية واضحة ولكنها قابلة للحل.
وهذا الاقتراح لا يفترض الحل الجذري لهذا الظاهرة إنما يسهم في رفع الوعي لدى الجمهور باستخدام النقل العام، ويقدم حل جزء كبير من المشكلة، وهذا بحد ذاته نجاح سيكفل للمرور وأمانة المدن وللجمهور الراحة وتحقيق أهدافهم.
* مهندس مدني - جامعة القصيم
alwashmi@hotmail.com