لم يكتف الإيرانيون ببسط نفوذهم وهيمنتهم على أقطار عربية كانت وإلى وقت قريب قلاعاً عربية اتسمت بالصمود وبالدفاع عن الهوية العربية، فأضحت اليوم بعد اختراق الإيرانيين لها تحاسب العروبيين وتنصب لهم المشانق كما في بغداد وتطاردهم وتنصب سهم الفخاخ في بيروت وغزة وتثير حولهم الشكوك.. حول وطنيتهم.
هؤلاء الإيرانيون لم يكتفوا بذلك فنصبوا من (ملاليهم) أوصياء على العرب. فهؤلاء الملالي لم يثقوا بالإيرانيين فابتدعوا لهم وزارة لإرشادهم وتوجيههم لفعل ما هو أصلح لهم، وكأن الإيرانيين لم يتجاوزا (الرشد)، ولأنهم نجحوا في إسكات الإيرانيين وحكمهم بالحديد وبالتسلط، وبعد مساعدة الأمريكيين محتلي العراق، تمدَّد تسلطهم إلى أرض الرافدين فأخذوا يفرضون (إرشادات) الملالي القابعين في طهران وقم وممثليهم في بغداد والنجف، وأصبح العراقيون الذين أول من استعمل الحرف، وأول من سن القوانين ومسَّلة حامورابي شاهد على ذلك ينتظرون الإرشاد من ملالي إيران.
وبعد أن شجعهم سكوت العرب على تخريبهم ذوق وثقافة العرب في لبنان وفلسطين وسوريا، توسعوا في غلوائهم وبدؤوا يحرضون غوغائييهم ورعاعهم ليثيروا الشغب أمام السفارات العربية ومصالحها في عواصم الدول الأوروبية. بل امتد (سوء الخلق) الإيراني إلى التحرش بالمقرات الدبلوماسية العربية ومكاتب الخطوط الجوية العربية في طهران، ضاربين بعرض الحائط مسؤولياتهم الأدبية والدولية بالحفاظ على المقرات الدبلوماسية ومكاتب الشركات ومصالح الدول التي يجب أن يوفر لها المضيف الاحترام والحماية وليس إحراق المكاتب مثلما حصل لمكتب الخطوط السعودية في طهران والتظاهر كل يوم جمعة أمام سفارتي المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية بحجة توجه الدول العربية لتحقيق السلام في المنطقة العربية من خلال تنفيذ مبادرة السلام العربية التي أقرتها جميع الدول العربية في مؤتمر القمة العربية في بيروت.
ولأن الدول العربية تضغط الآن لسرعة تنفيذ خطة السلام وإقامة الدولة الفلسطينية التي تنهي استغلال ملالي طهران للورقة الفلسطينية فإن الملالي (يرشدون) غوغائييهم ورعاعهم في طهران وفي العواصم الأوروبية لإقامة المظاهرات وأحداث الشغب أمام السفارات العربية دون خجل ولا حياء، ودون أي احترام للمواثيق والسلوك الدبلوماسي.
jaser@al-jazirah.com.sa