كثيرة هي الأزمات التي تواجه عالم اليوم في ظل هذه التسارع الرهيب في رتم الحياة وتلاطم أمواج المصالح المختلفة هنا وهناك فأصبحنا نعيش العديد من الأزمات منها ما هو اقتصادي ومنها ما هو سياسي وثقافي وجغرافي وخلاف ذلك من الأزمات المتشبعة والتي نسأل المولى جلت قدرته أن يجنب بلادنا أضرارها وأخطارها.. أما على المستوى الثقافي بشكل عام والمسار التشكيلي بشكل خاص فإن لديه أزمة لكنها من نوع آخر وهي بلا شك من العوامل المساعدة والمؤثرة فيه ألا وهي أزمة النقد أن جازت التسمية، فالحركة التشكيلية المحلية المعاصرة أصبحت حركة فاعلة وحركة نشطة لها حضورها ولها حراكها وفاعليتها على كافة الأصعدة وبالتالي فهي حركة تعيش ديناميكية طموحة ومن هنا جاءت هذه الفعاليات والمناشط المتعددة سواء ما هو منها محلي أو دولي واستطاعت أيضا أن توجد لها مساحة جيدة وحضورا أكبر من خلال معطيات فنانينا وفناناتنا التشكيليين والذين استطاعوا أن يكون لهم صوت مسموع من خلال منجزاتهم في كل محالات الفن التشكيلي، هذه المعطيات والمنجزات جاءت نتاج طبيعي لهذا الحراك الواعي للحركة وهذا الاهتمام والرعاية التي تقدمها حكومتنا الرشيدة - أيدها الله- لكل الفعاليات الثقافية وغيرها إلا أن الشيء الذي ومن خلال وجهة نظر شخصية ما يزال لا يتواكب مع الحركة أو بمعنى آخر لم يستطع مجاراتها هو (النقد النقي) النقد الواعي الذي يأتي نتاج خبرة ودراية بهذا المسار الجمالي وبكل معطياته وأصبحنا نقرأ ونسمع هنا وهناك لأطروحات تطرح تحت عباءة النقد خاصة ما يطرح عبر مواقع الإنترنت فهذا الأخير أصبح مسرحاً مشاعاً لمن هب ودب وأصبح الكل يقدح ويمدح في أعمال الفنان الفلاني والفنانة الفلانية والساحة التشكيلية بشكل عام وبنظرة فاحصة لما يطرح باسم النقد لدى هؤلاء وجد أن معظمه لا يتعدى كونه خواطر شخصية أو قطع نثرية يغلب عليها الطابع الأدبي والإنشائي تم التلاعب بجملها ومفرداتها بشكل غامض حتى على من كتبه وبالتالي فإن المحصلة النهائية بعد الانتهاء من قراءة هذه الجمل الفلسفية وهذه الطلاسم.. لا شيء!!.
الغريب في الأمر أن بعضاً ممن يمارسون التنظير في هذا الجانب لا يزالون مصدقين أنهم في المسار الصحيح والشيء الذي لا يمكن تجاهله أيضاً أن الساحة وعلى الرغم من كل ما يسودها من فوضى وعشوائية في مجال النقد غنية ببعض الأسماء العريقة في مجال النقد التشكيلي والتي لا تزال تقدم للساحة ومضات وقراءات نقدية واعية ومتمكنة لأنها بالفعل تملك أدوات النقد ومعطياته التقنية.
