في بلدةٍ كان اليراعُ يدورُ |
فأتى إليَّ، وقلبُه مسرورُ |
فسألته عن حالِه مشتاقةً |
فأجابَ: مهلاً خانني التعبيرُ |
حتى روى لي ما رآه مسطَّراً |
ونشيده عند الحديثِ صريرُ |
يحكي لنا ما دار في أمِّ القرى |
ويقول: جمعُ المسلمين غفيرُ! |
جمعٌ أراه هوى لباساً واحداً |
ويدٌ أراها للسماء تُشيرُ |
يسري بأبيض لبسهِ متواضعاً |
ما جَرّه عُرفٌ ولا تطويرُ |
ومسيرهمْ نحو المشاعر منظرٌ |
يهبُ الدموعَ فتبتدي وتفورُ |
لا يعرفُ الهمُّ القديمُ قلوبهم |
فالقلبُ فيه سعادةٌ وحبورُ |
كيف الحزين - تُرى - يُجيبُ لحزنه |
والحجُّ طبٌ للهموم كبيرُ؟! |
وهل الكفيف يريدُ نوراً يهتدي |
والحجُّ في نظر الكفيفِ قريرُ؟! |
جمعُ العبيدِ أتى بعزةِ مسلمٍ |
فالعبدُ في قلبِ الحجيجِ أميرُ |
والفقرُ ولّى من غنى إيمانهمْ |
والمغتني عند الإله فقيرُ |
والمذنبُ العاصي يتوقُ لدعوةٍ |
مقبولةٍ، فاللهُ جلّ قديرُ |
فكأنه - يا صاحبي - في حالهِ |
حرٌ، ومرأى القلبِِ منه أسيرُ! |
يا سعدَ من كان القضاءُ أتى به |
في محفلِ الحجاجِِ صار يطيرُ |
فلقد دعاهم ربُّنا بقضائِه |
فَسَعتْ جموعٌ للديارِ تزورُ |
لبَّت لدعوة ربِّها بمسيرةٍ |
فيها الهُدى ونشيدُها التَّكبيرُ |
غسلتْ مسيرةُ حجِّهم مأساتِهم |
وأتاهُمُ قلبٌ به تنويرُ |
ما ذلكمْ إلا شريعة مسلمٍ |
من عند ربٍّ بالعباد خبيرُ |
رباه فاغفر ذنبَهم واقبلهُمُ |
ربي ولا وقْعُ الجدالِ يصيرُ |
واحفظهمُ من كيدِ إبليسَ الذي |
يغوي العبادَ، ففعلهُ شرّيرُ |
رباه وارزقنا لنبلغَ رحلةً |
فمذاق ذنبي في الفؤادِ مريرُ |
* المعيدة في كلية اللغة العربية |
قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي |
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية |
|