في مثل هذه الأيام ومع اقتراب موسم الحج أخذت هذه البلاد في استقبال ضيوف الرحمن وتوفير الراحة لهم وما أجمل وأروع فرحة الحجاج وهم يؤدون مناسك الحج ويلبون ويبتهلون إلى الله.
ولقد جاءت العقيدة الإسلامية رحمة للأمة، حيث سمت بالنفس الإنسانية، ودعت إلى المحبة والتآخي، والأمن والاطمئنان، فنظمت ورسمت حياة المجتمع في إطار واضح وصحيح.
وإن الحج عبادة عظيمة في الإسلام وقاعدة من قواعده الخمس أوجبها الله وفرضها على من استطاع إليه سبيلا، ولقد جعل الله في الحج فوائد للمسلمين حيث يلتقي المسلمون في رحاب أقدس بقعة في الأرض في مكة المكرمة، متجاوبة قلوبهم ومتصافحة نفوسهم ومليئة بالسعادة والبهجة ومفعمة بالغبطة والتطلع إلى رحمة الله، مع الالتزام بالهدوء والسكينة، الذي هو عنصر أساسي وقاعدة من قواعد الإسلام. وإن الحج لعبادة عظيمة في الإسلام وهو ملتقى ديني يقبل عليه المسلمون من كل حدب وصوب، وإن الحج لمناسبة كريمة وعزيزة على قلب كل مسلم، فسعى إليها قادماً من كل نواحي الدنيا وفجاج الأرض والأماكن النائية، متجشمين السفر ليشهدوا المنافع التي ذكرها الله سبحانه وتعالى حيث قال { وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أيام مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}.
يفدون من كل جنس وأمة، من قارات متباعدة ولغات متباينة منصهرين في بوتقة واحدة هي الإسلام، والحج فريضة تنطوي على حكم إلهية وتشتمل على أسرار ربانية وتدعيم رابطة الوحدة الدينية بين المسلمين.
إن الحج لمظهر رائع تتحقق فيه الأخوة الصادقة والأمن والاطمئنان، قال تعالى { وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ استطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فإن الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } وقال { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فإن خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}.
إنكم أيها الإخوة على موعد مع الله ناداكم فلبيتموه وأمركم فأطعتموه، لقد جئتم إلى هذه الديار المقدسة الطاهرة التي وقف عليها من قبل سيد الخلق، نبينا ورسولنا - صلى الله عليه وسلم - وعلمنا وأوضح لنا كيف نحج وكيف نلتزم بآداب الحج، من هدوء وسكينة واطمئنان فلا صوت إلا صوت الحج بالتلبية والدعاء ولا كلمة الا كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
فينبغي أن نتمسك بهدي سيد الأنام عليه الصلاة والسلام وأن نعمل على تطهير نفوسنا من كل حقد وقلوبنا من كل سوء وأن تصفو القلوب وتسمو النفوس بالطهر والمحبة والتآخي وتوحيد الصفوف والكلمة والتآلف والمودة، ونبذ الفرقة وكل عمل سيء لا يتفق مع روح الحج وأهدافه السامية الكريمة.