الجزيرة - الرياض:
أولت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اهتماماً كبيراً بقضايا حقوق الإنسان، وإرساء دعائم حماية هذه الحقوق على المستويين المحلي والدولي مع مراعاة خصوصية المجتمعات واحترام تعاليم الأديان. وقد حظيت جهود وإسهامات المملكة في حماية حقوق الإنسان بتقدير كبير من جميع الهيئات والمؤسسات الدولية المعنية، وتُوج ذلك بفوز المملكة بعضوية أول مجلس لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة عام 2006م.
وبمناسبة احتفال العالم بالذكرى الستين لليوم العالمي لحقوق الإنسان.. نستعرض لبعض إنجازات وجهود حكومة خادم الحرمين الشريفين في هذا الشأن..
انطلقت جهود المملكة في حماية حقوق الإنسان على المستويين المحلي والدولي من التزامها بتطبيق الشريعة الإسلامية السمحة التي تدعو إلى كل ما يحفظ حياة وكرامة الإنسان في جميع مراحل حياته.
وفي سبيل ذلك تم اتخاذ العديد من الإجراءات من ضمنها ما نصت عليه المادة 26 من النظام الأساسي للحكم والتي تؤكد على التزام المملكة بحماية حقوق الإنسان.. بالإضافة إلى الانضمام إلى أربع اتفاقيات دولية رئيسة، هي: الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري عام 1997م، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 2000م، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو غير الإنسانية أو المهنية عام 1997م، والاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان الطفل.
وفي الاتجاه ذاته انضمت المملكة إلى خمس من اتفاقيات منظمة العمل الدولية المعنية بحقوق الإنسان وهي الاتفاقيات (26.105) والحاضنات بالسخرة والعمل الإجباري وذلك منذ عام 1987م، والاتفاقية (111.100) والخاصتان بالتمييز في شغل الوظائف.
* توج خادم الحرمين الشريفين بجائزة (ليخ فاليسا) اعترافاً بإنجازاته في المجال الخيري والإنساني ومساهمته الفاعلة في الحوار بين الأديان السماوية وبدء سلسلة من جولات الحوار الفكري حول كثير من قضايا المجتمع السعودي.
موافقة الحكومة السعودية على استقبال بعثة من (هيومن رايتس ووتش) لتقصي الحقائق حول حقوق الإنسان بالمملكة على مدار أربعة أسابيع نتج عنها زيارة عدد من السجون ولقاء العديد من المسؤولين.
وفي تجاه آخر تزايد حجم اهتمام مجلس الشورى بقضايا حقوق الإنسان والذي أثمر عند صدور القرار رقم 81- 117 - د بتاريخ 22-2-1425هـ والقاضي بإسناد كل ما يتعلق بحقوق الإنسان إلى لجنة متخصصة هي لجنة الشؤون الإسلامية وحقوق الإنسان والتي أصبحت في عام 1426هـ تسمى بلجنة الشؤون الإسلامية والقضائية وحقوق الإنسان. وتختص هذه اللجنة بالنظر فيما يحال إليها من الاتفاقيات الدولية أو الثنائية أو الإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان، كذلك الأنظمة ذات العلاقة واقتراحات تعديلها أو الإضافة إليها.
وأشادت الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان بتبني حكومة المملكة لإستراتيجية وطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد وذلك من خلال هيئة متخصصة لمكافحة الفساد تتولى هذه الإستراتيجية ووضع برامج وآليات تطبيقها.
وتوقفت المنظمات والهيئات الدولية بكثير من الإشادة عند توجهات حكومة خادم الحرمين الشريفين لترحيل السجناء الأجانب إلى بلادهم وفق مجموعة من الضمانات والإجراءات معتبرة أن ذلك التوجه يجسد قمة الضيافة ليس لحق السجين فقط بل وذويه والذين يصعب عليهم زيارته.
وثمنت كثير من المنظمات الدولية والإقليمية نظام العمل والعمال الذي تم إقراره عام 2005م والذي يتيح للمرأة فرص عمل كبيرة في مختلف المجالات دون أي تمييز كما يحد من كثير من التجاوزات التي تمثل انتهاكاً لحقوق العامل قبل صاحب العمل.
عام 1987م أيضاً ثم الاتفاقية رقم 182 والخاصة بمنع تشغيل واستخدام الأطفال والقاصرين عام 2001م.
وحرصاً منها على الالتزام بتعاليم الشريعة الإسلامية تحفظت المملكة على أحكام بعض هذه الاتفاقيات التي تخالف تعاليم الإسلام.
وعلى المستوى الإقليمي انضمت المملكة إلى (إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام) والصادر عن مؤتمر وزاراء خارجية الدول الإسلامية عام 1990م، كما انضمت إلى الميثاق العربي لحقوق الإنسان المعدل والذي اعتمده مؤتمر القمة العربية الذي عقد في تونس عام 2004م والذي لم يصادق عليه معظم الدول العربية، وعلى مستوى تعزيز آليات حماية حقوق الإنسان بالمملكة كانت الموافقة على إنشاء أو لهيئة حكومية للنهوض بحقوق الإنسان عام 2005م وبدأت هذه الهيئة عملها عام 2006م.
وقبلها صدرت الموافقة على تأسيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالمملكة التي تضم في عضويتها 41 عضواً بينهم 10 من النساء.
وقد ساهم إنشاء هيئة حقوق الإنسان كهيئة حكومية والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في نشر ثقافة حقوق الإنسان في كثير من مناطق المملكة، وتفعيل آليات الرصد والمتابعة لأي اعتداء على هذه الحقوق بالإضافة إلى استقبال الشكاوي وتفقد أحوال السجون وإبداء الرأي في كثير من مشروعات الأنظمة والقوانين.
وفي تفاعل مع هذه الجهود أشادت هيئات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية بإنجازات أخرى لحكومة خادم الحرمين الشريفين تصب في حماية حقوق الإنسان منها:
* إجراء أول انتخابات للمجالس البلدية عام 2005م.
* إنشاء هيئة الصحفيين السعوديين عام 2003م.
* إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني عام 2003م.
* دعوة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين الأديان والتعايش السلمي بين الشعوب.
هذا وقد احتفل العالم يوم أمس ب(اليوم العالمي لحقوق الإنسان)، وهي الذكرى السنوية الستون لنشر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي نادت به الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من كانون الأول - ديسمبر 1948م، والذي جاء في ديباجته ومواده الثلاثين ما يؤكد على حفظ حقوق الإنسان وكرامة الإنسان لأن (الناس جميعاً يولدون أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق، ولكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولاسيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين).
إن هيئة حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية إذ تشارك العالم بهذه المناسبة في هذا اليوم لتذكِّر الضمير العالمي الحر بأهمية تطبيق ما نادى به الإعلان، الذي يعد إنجازاً إنسانياً ونقطة تحول في طريق التضامن الدولي، نتيجة للتفاعل الإيجابي بين الحضارات والثقافات والأديان، ليشكل مظلة من (الحقوق الإنسانية) التي تتوافق في معظمها مع ما نادت به الفطرة الإنسانية السليمة، وجاءت به الأديان التي حملت للإنسانية رسالة واحدة تدعو لعبادة الخالق سبحانه وتنظم العلاقات بين الأفراد في المجتمع بعين المساواة بميزان قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، (13) سورة الحجرات.
إن المبادرة السامية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية والتي دعت أتباع جميع الديانات للالتقاء والتحاور الذي تم في مقر الأمم المتحدة بنيويورك يوم الأربعاء 14 ذي القعدة 1429هـ 12 نوفمبر 2008م، تكملة لمؤتمر الحوار الدولي الذي عقد في مدريد، وما سبقه من مؤتمر الحوار الإسلامي بمكة المكرمة. هذه المبادرة هي دليل واضح على موقف المملكة وإيمانها الكامل بأهمية وقيمة الحوار بين الأديان والثقافات والحضارات المختلفة، باعتباره الوسيلة الوحيدة لدعم ونشر السلام والاستقرار في جميع أنحاء العالم. وهو تأكيد على تسامح الدين الإسلامي الحنيف الذي يدعو للسلام مكملاً لما أنزل على الرسل عليهم من قبل المصطفى صلى الله عليه وسلم مصداقاً لقوله تعالى (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)، (285) سورة البقرة.
إن في النهج الذي رسمه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من خلال خطابه الذي ألقاه أمام الأمم المتحدة، والذي أكد فيه على مبدأي العدالة والتسامح من خلال قوله (إن التركيز عبر التاريخ على نقاط الخلاف بين أتباع الأديان والثقافات قاد إلى التعصب واندلاع حروب مدمرة سالت فيها دماء كثيرة.. وقد آن الأوان لأن نتعلم من دروس الماضي القاسية وأن نجتمع على الأخلاق والمثل العليا التي نؤمن بها جميعاً). هذا النهج هو جسر تواصل بين الشعوب لبناء مستقبل يسود فيه العدل والأمن والحياة الكريمة، التي تدمغ الظلم والخوف والفقر وتنهض بالتعايش السلمي بين الشعوب مما يجنب العالم ويلات الحروب، ويحقن الدماء، ويقيم العدل بين الشعوب، ويحقق أمن وسلامة النفوس.
إن المملكة العربية السعودية التي تنتهج الوسطية والاعتدال في جميع تعاملاتها، وهي تشارك العالم بهذا اليوم، لتؤكد على أنها مع الحق، داعية إلى نبذ الأحقاد، ومستنكرة الاستمرار في سياسة التطهير العرقي، وإراقة الدماء مهما كانت الأسباب.
كما ترفض المملكة سياسة الاحتلال التي تنتهك حرمة الشعوب، وتؤكد على حق هذه الشعوب في الحرية والاستقلال وصيانة كرامتها. كما تعلن استمرار التزامها بكل المعاهدات والاتفاقيات الحقوقية، الدولية منها والإقليمية التي وقعت عليها، متمسكة بحقها في التحفظ على بعض مواد تلك الاتفاقيات التي لا تتوافق مع تعاليم الشريعة الإسلامية، واضعة نصب عينيها أن رعاية حقوق جميع فئات المجتمع في إطار العدل والمساواة هي وحدها كفيلة بحماية الوطن وضمان وحدته واستقراره.