نيروبي - رويترز:
حقق المتعامل على خان ساتشو الكيني المولد نجاحاً خلال فترة عمله الطويلة في حي المال في لندن لكنه استسلم قبل سنوات قليلة لإغراء إفريقيا.
وعاد ساتشو وله ثلاثة أطفال مع أسرته إلى كينيا في عام 2005 للعمل في تجارة النفط والأسهم في البورصات الإفريقية ويعلق على عودته قائلاً: (كنت أعلم أن ثمة مكاسب ضخمة يمكن أن أجنيها هنا ولم أكن مخطئاً). لكن مع حالة الكساد التي تجتاح العالم اضطر كثيرون لتقليص الاستثمارات الضخمة التي كانت سبباً للانتعاش في إفريقيا. فهل أخطأ ساتشو وغيره ممن راهنوا على الاتجاه الصعودي في إفريقيا.
وأضعفت أزمة الائتمان العالمية التي أعقبت صدمة أسعار الغذاء والوقود في النصف الأول من العام الجاري العملات وهوت بأسعار الأسهم ودفعت خبراء اقتصاد لخفض توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي في أنحاء أفريقيا.
ويكتب ساتشو عموداً عن سوق الأسهم في صحيفة محلية وألف كتاباً شهيراً بعنوان (أي شخص يمكن أن يصبح ثريا) ويقول: (إنه أمر مؤقت. مازلت متفائلاً كثيراً. ستمرون بمثل هذه المراحل من التوتر والضغوط.. ولكن ثمة عالماً جديداً سيأتي إلى أفريقيا).
وحتى وقت قريب لم يخالف مثل هذا التفاؤل سوى قلة.
وكان ينظر لإفريقيا على أنها آخر الأسواق البكر وأكثرها إثارة إذ تمتلك إمكانات نمو ضخمة بدأ استغلالها للتو.
وذكر بنك أوف أمريكا إن الاستثمار الأجنبي تضاعف إلى 315 مليار دولار بين عام 2000 و2006.
وتدفقت استثمارات من مصادر جديدة مثل الصين والهند وامتدت من الطرق إلى التنقيب عن النفط.
وانتعشت الطبقة المتوسطة وسجلت مستويات النمو معدلات ثابتة منذ منتصف التسعينات.
ثم جاءت أزمة الائتمان وتغيرت الأجواء.
في البداية أبدى واضعو السياسات في إفريقيا تفاؤلاً وأشاروا إلى أن الأنظمة المصرفية غير مهددة نسبياً وأن الأسس الاقتصادية تستند لعوامل نمو وطلب داخلي يبدو مستبعدا أن تتأثر.
ومع اتضاح عمق الأزمة العالمية ظهر أثرها الحقيقي على إفريقيا.
وفي بعض الأماكن تلاشت أموال صناديق التحوط بنفس السرعة التي جاءت بها ومثال ذلك سهم سفاريكوم للهاتف المحمول الذي كان أكثر الأسهم الكينية رواجاً نتيجة إقبال مستثمرين على الشراء بكميات كبيرة ولكن سرعان ما تخلوا عنه.
وارتفع سعر السهم من خمسة شلنات إلى نحو تسعة شلنات عقب الطرح العام الأولي ولكنه نزل منذ ذلك الحين لحوالي 3.5 شلن.
كما تباطأت تحويلات الأفارقة في الخارج وهو عامل هام وإن كان غير مباشر للنمو في الداخل.
وقال محللون إن الصناديق تتعرض لضغوط لخفض مراكزها في الأصول الخطيرة غير أن المستويات المنخفضة نسبياً للأعمال في إفريقيا مقارنة بالأسواق الناشئة حد من الهبوط.
كما قد تقل المعونات الأجنبية أيضاً ومن شأن تباطؤ النمو في الصين وغيرها من الاقتصادات الآسيوية أن يؤثر على الاستثمار في إفريقيا.
وقال مايكل كيرامي مدير محفظة في ايتون فانس (أتوقع تراجع الأسواق البكر في إفريقيا. خصصت أموال ضخمة (للاستثمار) وأعتقد أن مبالغ كبيرة ستسحب).
وقال كيرامي الذي خفض صندوقه مراكزه في إفريقيا على المدى القصير إن هناك بعض التراخي من جانب المستثمرين في القارة (مشابهاً لما حدث في شرق أوروبا العام الماضي).
وأشار إلى أن شطب الديون أعطى دفعة لمرة واحدة وأن انتعاش السلع الأولية توقف. وتابع: (نرى بعض العنف المثير للقلق. دقت كينيا جرس الإنذار وجمهورية الكونجو الديمقراطية مشكلة كبيرة).
وأدت أعمال العنف التي أعقبت الانتخابات لتفاقم المشكلات في عام صعب عاشته كينيا فيما ذكر العنف في شرق الكونجو الديمقراطية الغني بالمعادن المستثمرين بالمخاطر السياسية الخطيرة في كثير من الأماكن في إفريقيا.
ويقول محللون إن التوقعات لا تزال طيبة على المدى الطويل ورغم ذلك قد تفقد إفريقيا بعضاً من بريقها.
ولا تزال العوامل الاقتصادية قوية فيما يسمى بدول الصدارة في إفريقيا جنوبي الصحراء مثل جنوب إفريقيا ونيجيريا وغانا وكينيا.
ويتوقع صندوق النقد الدولي انخفاضاً طفيفاً في معدل النمو في إفريقيا جنوبي الصحراء ولكنه سيظل حول ستة في المائة هذا العام والعام المقبل. لذا لم تفقد الشركات العالمية كل حماستها.
واشترت فودافون البريطانية حصة إضافية في فوداكوم في جنوب إفريقيا مما يسمح لها بدخول خمسة أسواق جيدة للهاتف المحمول في القارة واضعة نصب أعينها الطلب الضخم غير المستغل.
كما أن شركات جنوب إفريقيا لم تتخل عن مساعيها تجاه الشمال في مسعى لتعويض النمو المحلي الأبطأ.
وتنوي تلكوم على سبيل المثال استغلال حصيلة بيع حصتها في فوداكوم للتوسع في إفريقيا.
وخصصت شركة التأمين ليبرتي مبلغ 700 مليون راند (70 مليون دولار) لنفس الغرض.
وقال انفر فيرسي رئيس تحرير افريكان بيزنس (رغم التشاؤم الشديد تجاه الاقتصاد العالمي عقب الانهيار غير العادي للنظام المالي الغربي يبقى مستقبل إفريقيا مشرقاً جداً). وأشار للتوسع المصرفي في إفريقيا وتنامي التجارة بين الدول الإفريقية ونمو استخدام الهاتف المحمول كعوامل إيجابية.