استحدث مجلس التعاون لدول الخليج العربية سنة 1981م باقتراح من الملك فهد بن عبدالعزيز وأمير الكويت السابق الشيخ جابر الأحمد يرحمهما الله.
وتم عقد أول قمة لمجلس التعاون الخليجي في أبوظبي وحضرها الملك خالد بن عبدالعزيز يرحمه الله، حيث تم في هذه القمة المصادقة على ميثاق المجلس وتحديد مقر الأمانة العامة له وهو العاصمة السعودية (الرياض) كما تم تعيين الأمين العام الأسبق لمجلس التعاون الخليجي وهو الدبلوماسي الكويتي عبدالله بشارة.
وكانت الحرب التي استعرت بين العراق وإيران بعد الثورة الإيرانية سبباً مهماً لإنشاء هذه المنظمة الإقليمية التي لا يتعارض إنشاؤها مع ميثاق هيئة الأمم المتحدة ولا ميثاق الجامعة العربية، فقد شعر قادة دول مجلس التعاون الخليجي بعد قيام هذه الحرب التي استمرت ثماني سنوات أنهم في حاجة ماسة إلى توحيد سياساتهم من هذه الحرب وبالفعل فقد أسهم إنشاء هذا المجلس في إيجاد سياسة موحدة طيلة مدة الحرب وتتمثل في عدم التدخل في الحرب ودعوة إيران والعراق إلى تغليب العقل ووقف هذه الحرب بعد انسحاب كل طرف من أراضي الطرف الآخر.
وقياساً على هذا الموقف الموحد من الحرب العراقية الإيرانية سلك مجلس التعاون لدول الخليج العربية نفس الأسلوب في القضايا الأخرى ومنها:
* قضية الجزر الإماراتية: المحتلة حيث كان موقف المجلس واضحاً ويتفق مع موقف دولة الإمارات العربية المتحدة وهو ضرورة الانسحاب من هذه الجزر أو رفع الموضوع للتحكيم الدولي، إلا أن إيران مع الأسف لم تتجاوب بعد مع أي من هذين الخيارين، ولذا فإن هذا المجلس يكرر هذا الموقف ويؤكده كل سنة أثناء اجتماع قمة مجلس التعاون الخليجي.
* قضية الشعب الفلسطيني: فقد كان لمجلس التعاون الخليجي موقف واضح وهو ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967م بما فيها القدس الشرقية التي تضم المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وبالتالي إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة على هذه الأراضي.
وهذا الموقف من المجلس تجاه القضية الفلسطينية يعني عدم الاعتراف بإسرائيل أو التعامل معها قبل أن تقوم بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية وهو ما سارت عليه دول المجلس قبل أن تنفرد بعض دوله بمواقف أحادية تتعارض مع السياسة الموحدة لمجلس التعاون الخليجي في هذا الشأن؛ لكون دول الخليج العربية ليست في حاجة للعجلة في الاتصال بإسرائيل أو التعامل معها فهي ليست من دول المواجهة كما أنها دول غنية بمواردها، فإسرائيل هي التي تحتاج لدول الخليج وليس العكس، فالتعامل معها وبالذات مع دول الخليج قبل أن تقوم بالانسحاب من بقية الأراضي العربية سوف يغري إسرائيل بالبقاء في الأراضي العربية المحتلة باعتبار أنها حققت ما تريد من الدول العربية، وهو الاعتراف بها والتعامل معها تجارياً واقتصادياً وإقامة علاقات دبلوماسية معها، ولكي لا يحصل ذلك جاءت المبادرة العربية للسلام التي طرحها الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- وأيدتها الدول العربية في القمة العربية التي عقدت في بيروت سنة 2003م فهذه المبادرة تشترط لتطبيع العلاقات مع إسرائيل والتعامل معها، وإقامة علاقات دبلوماسية معها الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة بما فيها مدينة القدس الشرقية.
إن شعوب دول مجلس التعاون الخليجي تتطلع إلى الكثير من الإنجازات من مجلسهم الموقر بالإضافة إلى ما تم إنجازه في مجالات الاستثمار والأنظمة والإسكان والجمارك وقريباً توحيد العملة، ولذا فإن الاستمرار في توحيد السياسات تجاه القضايا الإقليمية والدولية هو مما يقوي المجلس ويدفعه على تحقيق أهداف المجلس والإنجازات التي يتطلع إليها مواطنوه، ذلك أن انفراد أي من دول مجلس التعاون بسياسة معينة تجاه إحدى القضايا الإقليمية أو الدولية تختلف عن سياسات الدول الأخرى أمر يتعارض مع أهداف مجلس التعاون الخليجي الذي وجد من أجل دفع التعاون وتوحيد السياسات في مختلف المجالات فإذا لم تكن هذه هي أهدافه فلماذا إذاً وجد كمنظمة تجمع دول الخليج العربية؟
asunaidi@mcs.gov.sa