جميل جداً أن تعتمد وزارة التعليم العالي في المرحلة الرابعة من برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، من خلال برنامجها المميز ملتقى المبتعثين، جميل أن تعتمد الوزارة على التركيز على الاحتياجات الحقيقية والنوعية لأبنائنا المرشحين للابتعاث والمتعلقة
بالجوانب القانونية والأمنية والأنظمة التعليمية في بلدان الابتعاث، بالإضافة إلى تنمية مهارات الحوار وأساليب الاتصال الحضاري وأدبيات معايشة الآخر، من خلال تعاونها مع عدد من الجهات ذات الاختصاص مثل وزارة الخارجية وجامعة نايف ومركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، لاحظوا الجديد في هذه الدورات أنها تركز على عدد من الجوانب المهمَّشة، أو إذا أحسنَّا الظن بذواتنا وبأبنائنا قلنا بأنها شبه مهمَّشة في حياتهم من قبل الأسرة والمدرسة وبقية مؤسسات المجتمع إلا من رحم ربي.
بالله عليكم، بكل تجرد ومصداقية: هل هناك من بين أبنائنا الطلاب المقبلين على الابتعاث، من لديه الحد الأدنى من الثقافة القانونية أوالأمنية أوالنظامية الخاصة بتلك البلدان التي سيبعثون إليها وهم خريجو الثانوية العامة، خاصة ونحن نعلم جميعا مدى الفقر والنقص الحاد في تلك الجوانب في شخصية الطالب السعودي، ويكفي أن نسترجع بعض القصص والوقائع التي تتناقلها وسائل الإعلام المحلية والتي تشهد بشيء من الإخفاق الذي حققه أبناؤنا السعوديون وجنوا ثمار تقصيرهم في معرفتهم بأنظمة تلك البلدان وثقافة أهلها الذين سيقضون بينهم سنوات من أعمارهم ويختلطون بهم ويتعاملون مع كافة شرائحهم بل ويتعلمون في جامعاتهم وكلياتهم وينخرطون في نسيجهم الاجتماعي، والأجمل من ذلك هو حرص وزارة التعليم العالي على مشاركة عدد من السفراء والقنصليين والملحقين الثقافيين في مثل هذه اللقاءات التي تساهم - في نظري - في إعادة إعمار ثقافة بعض أبنائنا المبتعثين، وليس تأهيلهم فقط، لأن الكثيرين منهم ينقصهم أبجديات التعامل مع الآخر، وقبل ذلك كله معرفتهم بالخطوط العريضة لثقافة تلك البلدان.
وهنا لم تأت الإفادة من هؤلاء الشريحة الدبلوماسية من فراغ، بل لأن السفراء والقنصليين والملحقين الثقافيين هم أكثر الناس قدرة على توضيح الإجراءات المتعلقة بالحصول على التأشيرات وبيان أنظمة الإقامة في بلدان الابتعاث حتى يكون المبتعث على معرفة تامة بطبيعة الحياة في تلك البلدان الصديقة التي سينتقل إليها، ويصبح جزءا فاعلا من نسيجها الاجتماعي ويحافظ على هويته الوطنية في كل مراحله الدراسية هناك، ولقد حدثني بعض من حضر تلك اللقاءات أنها تضمنت لأول مرة في تاريخها استعراض تجارب بعض الطلاب السعوديين المبتعثين، ممن حققوا شيئا من التميز والحضور الفاعل في بلدان الغربة من خلال الأندية الطلابية السعودية هناك.
والسؤال الحلم
متى تمارس الوزارة دورها الفاعل في تلمس حاجات أبنائنا المبتعثين بعد سفرهم وإقامتهم هناك من خلال تقارير ميدانية دقيقة وفورية تتابع عن كثب واقع المبتعث السعودي وترسم معاناته وتختصر الطريق في علاج ما يعترضه وعائلته من مشكلات حتى يحقق الهدف المنشود من ابتعاثه ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين.