Al Jazirah NewsPaper Thursday  11/12/2008 G Issue 13223
الخميس 13 ذو الحجة 1429   العدد  13223
أوتار .. في الأعمار
د. موسى بن عيسى العويس

بين الحين والآخر اعتاد القراء على متابعة (أخبار المعمرين) من خلال تلك المقابلات التي يجريها الصحفيون مع بعض الفئات التي امتدّ بها العمر، حتى وجدت هذه الفئة وبخاصة في (اليابان) حظوة لم يحظ بها (المتقاعدون) ممن هم تعد أعمارهم في منتصف الحياة، هذا إذا اتفقنا أن مصطلح (المعمرون ) لا ينطبق إلا على من جاوز (المائة والعشرين).

* نكاد نتفق أن محاور هذه اللقاءات والمقابلات مع (المعمرين)، سؤالاً وجواباً تسحب من أرشيف الصحافة، وبالذات عندنا. ومن الغرائب استطلاع قام به مجموعة من العلماء في (إيطاليا) على ما يقارب (سبعين) مسناً من الجنسين، تجاوزت أعمارهم (المئة)، وانتهوا كما يقول الخبر إلى نتيجة واحد، أو إلى إجابات متشابهة هي أقرب إلى ما يتداول في كل البيئات.

* من الأسئلة ذات الطابع التقليدي، كيف نشأت؟، كم كان عمر والديك؟ كم عدد أنجالك وأحفادك؟ ما الأكل والشرب الذي اعتدت على تناوله؟ ما برنامجك اليومي؟ ما الرياضة المفضلة لديك؟. وقد ننفرد في مجتمعنا ببعض الأسئلة الفضولية. كم عدد زوجاتك؟ هل هنّ على قيد الحياة؟ متى توفيت آخرهن؟ ما مقدار المهر الذي دفعته في زواجك الأول؟ هل تنصح بتعدد الزوجات؟. وتجد الأجوبة أقل شأنا وأهمية من السؤال، هذا إذا لم تكن الإجابة تلفيقاً من أحد (الأبناء)، ففي مثل هذا السن تفوت على الذاكرة أشياء كثيرة، كما ويصعب الاستنطاق في دقائق الحياة لأسباب عديدة.

* من خلال تتبع مثل هذه الأخبار لم نجد إلا من القلة القليلة من يعزو (إطالة العمر) إلى أسباب روحانية، أو قيمية أشار لها الموروث الثقافي لنا، رغم أهمية استظهاره إذا أردنا إن نعطي حياتنا أبعاداً كثيرة، تحفظ لها التماسك. كذلك لم يظهر استطلاع عن أي (الفئات العمرية ) أعطت مثل هذه الأخبار أهمية وتابعتها. هل هم فئة الشباب. أم الشيوخ. أم الكهول؟ هل هم الرجال. أم النساء؟.

* قد يكون الاستطلاع، أو المقابلة ليست لها مغزى كبير عند بعض الشعوب، لكننا نجد من يوظفها توظيفاً صحيحاً في بيئات أخرى، حيث بادرت مؤسسات طبية متعددة في (الدنمرك وأمريكا) بإجراء دراسة تستغرق (خمس) سنوات، وبتكلفة (18) بليون دولار لدراسة (نمط الحياة الصحية للمعمرين)، وتستهدف الدراسة تاريخهم الطبي عنهم وعن أسرهم، وإجراء فحوصات وتحاليل مخبرية، لتقييم الأداء والحالة البدنية لهم، وسحب عينات من المستهدفين، للوصول على كيفية تجاوزهم بعض الأمراض المرتبطة بالشيخوخة، كمرض (الزهايمر)، و(السرطان)، و(السكتة الدماغية)، و(مرض القلب), (والضغط والسكر).

إذن هناك طائل وهدف من الدراسة والبحث.

* سئل (الفزاري) وكان أحد (المعمرين) أخبرني عما رأيت في سالف عمرك؟ قال: (رأيت الدنيا ليلة إثر ليلة، ويوماً إثر يوم، ورأيت الناس بين جامع مال مفرق، ومفرق مال مجموع، وبين قوي يظلم، وضعيف يُظلم، وصغير يكبر، وكبير يهرم، وحي يموت، وجنين يولد، وكلهم بين مسرور بموجود، ومحزون بمفقود..). وسواء طال بك العمر أم قصُر، ما الذي سيتغير في أكسير الحياة؟ هذه فلسفة أخرى تحتاج إلى وقفة تجلوها.

أ - هـ



dr_alawees@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7789 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد