يحسدنا كثير من الناس على ما أفاء الله به علينا من رحمة ونعمة، حكم عادل نزيه لشعب وفي أبي يعرف الله حق المعرفة ويعبده كما يجب أن يُعبد، وبركات تتنزل من السماء وخير ينبع من الأرض، وأفئدة تهوى بيته العتيق، الذي خصنا الله بشرف خدمته والوافدين إليه من حجاج ومعتمرين، أحمد الله عز وجل على ما رزقنا من نعمه ظاهرة وباطنة، ونشكره كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه.

ومن نعم الله علينا أن هيأ لنا التقنيات الحديثة وهيأ لنا الأموال التي بها نقتنيها ومنها أجهزة الحاسوب التي تُعتبر نافذة على العالم، نطل منها عبر الشبكة العنكبوتية على عالمنا أينما كنا وحيث نريد، ومن المواقع التي تطل علينا عبر تلك الشبكة المنتديات التي تُعتبر بحق ملتقى للحضارات وتلاقح الأفكار والثقافات عبر هذه الوسيلة التي جعلت من العالم على اتساعه قرية صغيرة، فالاتصال أو التواصل يُقرِّب وجهات النظر ويجعلك على اطلاع دائم يمكنك من معرفة كيف يفكر الآخر، وهل هو معني بك وبوجودك كإنسان في هذا العالم أم لا سواء اختلف معك في العنصر أو الجنس أو الدين أو الحضارة أو الثقافة أو الأفكار والمعتقدات (الأيدولوجية)، وهي وسيلة لرأب الصدع الذي تعاني منه الثقافة الغربية خصوصاً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وفي نفس الوقت تؤلف بين قلوب أبناء الفكر الواحد أو الوطن الواحد، وتعمل على نشر الوعي بين الشعوب.

ولعل المطالع لصفحات الإنترنت يدرك أهمية استخدام التقنية في التعريف بنفسك، والرد بل والردع لكل من تسوِّل له نفسه أن يتطاول على سيد المرسلين.

فمن خلال إحدى المنتديات قرأت أن حكومة الدنمارك تواجه كارثة بعد المقاطعة الإسلامية غير المعلنة لمنتجاتها بعد نشر الرسوم المسيئة للمصطفى صلى الله عليه وسلم وللإسلام والمسلمين.

وبعض المنتديات أو المواقع الموجودة على الإنترنت تحاول أن تروِّج لثقافة معينة أو لرأي معين، وتتفنن في عرض هذا الرأي بالطريقة التي تجد إصغاء أو قبولاً من المتلقي، معتنقين مبدأ دانتي: (الغاية تبرر الوسيلة)، فمنها من يحاول نفث سمومه في المجتمعات التي عافاها الله من تلك السموم، ومنها من يحاول أن يشبع غرائز بعض الشباب الذين يستهويهم إشباع الغرائز البهيمية دون وازع من خلق أو دين، رغم أن أعراف مجتمعاتنا العربية والإسلامية تحض على التمسك بالدين والعادات والتقاليد، إلا أن الشيطان قد وجد طريقه عبر الأثير ليتسلل إلى بيوتنا بل إلى النفوس الضعيفة فيتغلغل فيها كيف يشاء، فالحذر الحذر من هذا الثغر الهام ولتكن قائماً عليه حارساً لنفسك وأهل بيتك من شروره المغلَّفة بأوراق الشيكولا والبسكويت.

قد يقول البعض ما الفرق بين النت والتلفاز، لا شك أن هناك فرقاً كبيراً بين التلفزيون والشبكة العنكبوتية من حيث مجالات البحث والاطلاع وخطورة بعض المواقع، فمشاهد التلفاز لا يتعرض لمثل هذا الكم من الهجمات الخاطفة لحسن انتقائه للقنوات التي يشاهدها، وما أشبه الإنترنت بسكين ذات حدين، حد ينفع، وحد يقتل بغير جرح أو دماء.

وفي الحقيقة هناك بعض المواقع على الإنترنت تُعد بحق مواقع بناءة مثل المواقع الثقافية والفكرية والدينية والاجتماعية، إلا أن هناك شبهات على بعض هذه المواقع، فاتق الشبهات تبرأ لدينك وعرضك.

قد يعتقد البعض أن ما يُنشر لي في بعض الصحف اليومية شيء جديد والجديد هو عودتي للكتابة من جديد، فقد كنت أكتب في بعض الصحف منذ عشرات السنين، ثم حجبتني دورة دراسية طويلة خارج الوطن، وبعد العودة انشغلت بالواجبات والمسؤوليات ولم يكن لدي متسع من الوقت للكتابة، وذات يوم طالعتني صحيفة الجزيرة ببعض المقالات التي نشرت لي منذ قرابة ثلاثة عقود، فأيقظت في أعماقي الحنين، فوجدتني أمسك القلم وأجتر الذكريات، ولكن بعض الناس قد يحبسهم التردد، أو كلمة كان زمان، ولكن بفضل الله ثم بتشجيع بعض أصدقاء الثقافة وبترحيب من جريدة الجزيرة التي استقبلتني استقبال الأم لولدها الغائب عن العين لا القلب، عدت للكتابة والعود إن شاء الله أحمد.

ومن المنتديات التي يطيب لي أن أكون ضيفاً عليها منتدى قريتي (رباع بني حسن) وكم سرَّني أن أرى جميع ما كتبته صحيفة الجزيرة قديماً وحديثاً منشوراً في هذا المنتدى، الذي جعلنا على بعدنا من قرانا وهجرنا ومدننا نطلع على كل كبيرة وصغيرة هناك وكأننا في موقع الحدث، فسبحان الذي علم الإنسان ما لم يعلم.

وانتهز هذه الفرصة الطيبة لأشكر القائمين على هذا المنتدى المتميز المبدع الذي يضاهي كبار المنتديات ويجمع من كل بستان زهرة، من هنا وهناك، أدباء من بلادنا ومن البلدان المجاورة، إخوة لنا، يدلون فيه بما يعود نفعاً علينا وكل زائر لهذا المنتدى.

فشكراً لمؤسس المنتدى الأخ محمد أحمد الزهراني، والشكر موصول للأخ محمد هجاد الزهراني المشرف العام ورفيق دربي، وشكراً لجميع الإخوة الأعضاء المساهمين في المنتدى، وأتمنى أن يكون التنافس بين المنتديات حامي الوطيس بما يعود بالنفع على كل مطلع.

وختاماً أُذكِّر إخواني وأخواتي منسوبي منتدى رباع وجميع المنتديات بقوله تعالى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (الحديد 12)، وأقول لهم ما قاله المولى عز وجل:{(لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ} (الصافات 61).