لا شك في أن المعلم هو القدوة لكل الطلاب في جميع المراحل الدراسية، فهو ليس معلما بالنسبة لهم، بل هو معلم وأب وقدوة حسنة يقتدون به في كل أعمالهم وأحاديثهم وتصرفاتهم، خصوصاً إذا كان المعلم من النوع المرح والمتفهم لنفسية الطلاب، يعاملهم جميعا بميزان العدل والتوجيه، ومراعاة الظروف، فنجدهم يميلون لهذا النوع من المعلمين أكثر من غيرهم، بل إنهم يطيعونه طاعة عمياء لكل ما يطلب منهم دون ملل أو ضيق، كما نسمعهم في كل حديث يذكرونه بقول أو فعل يعجبهم منه، لكن مع الأسف الشديد بدأت هيبة بعض المعلمين والإداريين في بعض المدارس تصاب بجرثومة الضعف التي تعبر إلى أجسادهم عن طريق بكتيريا اسمها عنف الطلاب المستهترين الذين لا يعرفون قيمة التعليم ومعنى حرمة المدرسة واحترام من فيها من مسؤولين، بالإضافة إلى عدم إحساسهم بالأهمية في البيت من متابعة لهم وحرص عليهم، ومساءلة لهم من قبل الوالدين، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، قد يكون العقاب الذي يعرفونه غير مجد مع هذه النوعية من الطلاب.. بعض المعلمين مع الأسف الشديد لم تعد لهم هيبة عند الطلاب، بسبب ما يصدر عنهم، من عنف شديد اتجاه المعلم مما يجعله عرضة للاستهزاء أمام المعلمين، وكثيراً ما تطالعنا، الصحف بقصص عن ذلك، ولا أنكر أن هناك بعض الطلاب هم ضحايا لعنف بعض المعلمين، لكني سأتطرق إلى ذلك في مقال آخر.
ومن قصص قلة هيبة المعلمين بالنسبة للطلاب، وخوف المعلمين وقد يكون بعض الإداريين أن في إحدى مدارس الأحساء المتوسطة عددا من الطلاب من فئات عرفوا بالعنف والقوة والاعتداد بالنفس، والنظر لغيرهم بنظرات دونية، ونظرات احتقار، حتى مع كونهم من نفس الفئة مثلاً، ومنهم من يجعل من اللون سببا في مضايقتهم، بكل ما يقدرون عليه من وسائل، وهذه المجموعة من الطلاب يتميزون بكبر السن والجسم معا، والإخفاق الدراسي مما يوحي للذي يراهم من بعيد يحسبهم من معلمي المدرسة، وليس من طلابها؟ هؤلاء منذ أيام قاموا بعمل مشين أثناء الفسحة، لا يحدث من طلاب علم، ولا يحدث من طلاب تربوا على الفضيلة والأخلاق الكريمة، وعلى احترام الكبير، ومراعاة الصغير، والعطف عليه، بل إنهم وجدوا في هذه الفئة من الطلاب الصغار بغيتهم، فأثناء الفسحة حدث تجمع لعدد من الطلاب الكبار حول طالبين صغيرين، (أسمرا البشرة) حيث كان الطالبان ملتصقين بالجدار، وقد أخذ الخوف منهما كل مأخذ وهما يريان نفسيهما مطوقين من قبل الطلاب، وقد راحوا يتحرشون بهما، ولا أريد أن أوضح أكثر.. لكن مجموعة من الطلاب الصغار، كانوا يرقبون المشهد المخجل والمروع من بعيد، ويضحكون لما يحدث غير مدركين فظاعة ما يشاهدون، لكن بعد دقائق معدودة، فوجئ أحد الطلاب المتفرجين بهجوم من قبل الطلاب العابثين، يضربونه ويغرسون رؤوس أقلامهم في رأسه، وهو يصرخ باحثاً عن منقذ يخلصه من هجوم الكبار، الجميع ينظرون إليه والكل خائف من بطشهم، بعد فترة رأى الطالب أشخاصاً يركضون نحوه لتخليصه منهم، كان يظنهم في بداية الأمر معلمين لكبر حجمهم، كما قال لأمه التي قصت القصة علينا.. لكنه عرف فيما بعد، أنهم طلاب من المدرسة، في حين خرج عدد من المعلمين كل واحد ممسكا بيده (كوب الشاي) وهو يتساءل ما المشكلة؟؟ ماذا حدث لكم؟!!! هذا ما كان من دور المعلمين، في حين كان مدير المدرسة غائباً، ثم إن أحدهم وقد يكون المرشد أو أحد المعلمين اصطحب الطالب إلى الوحدة الصحية المدرسية، وتم خياطة جروح رأس الطالب، ثم تم إبلاغ أهله ليأخذوه من المدرسة، وبعد ذهابه للبيت، حيث اكتشفت والدته بأنه مصاب بجرح كبير في الكتف، هذه الحادثة جعلت الأم تصر على نقله وتم أخذه لعلاج كتفه مع أحد أقاربه، حيث كان والده في مقر عمله خارج الأحساء.. عندما عاد الأب أصرت الأم على نقل ابنها من تلك المدرسة إلى مدرسة أهلية خوفاً عليه من أن يحدث له شيء أكبر من ذلك... والأدهى من ذلك أن أغلب المعلمين لا يدعون أولادهم يخرجون في الفسحة، بل يتركونهم في مصلى المدرسة حتى إذا انتهت الفسحة أخرجوا أولادهم بعد ذلك حتى أن الأم طلبت من زوجها أن يبقى ابنها معهم حتى يتم نقله من المدرسة!!!
هل تريدون معرفة ما حدث للطالب المعتدي من قبل إدارة المدرسة؟ اتصلوا بوالده ليأتي لاصطحابه للبيت حتى يكون في مأمن من والد الطالب المعتدى عليه، باعتباره هو سبب المشكلة الأول، وكأن والد الطالب قد هدد المعتدي رغم أن والده مسالم، ولم يعرف ما حدث لابنه إلا بعد عودته من عمله..
هل هذا التصرف يليق بمسؤولين في مدرسة وضع الطلاب أمانة في عنقهم؟؟ وهل بهذا ترك الطالب المعتدي يذهب مع والده بلا حساب أو سؤال يعتبر عقاباً؟؟ إن خوف المعلمين وبعض الإداريين من محاسبة مثل هؤلاء، يعود لخوفهم من الانتقام منهم ذات يوم بضربه بسكين، أو بالإقدام على تدمير سيارتهم أو بالاثنين معاً...
يا مسؤولين: لا بد من إصدار لوائح وأنظمة جديدة تحفظ للمعلمين هيبتهم، وتضمن سلامتهم، وتعيد لهم قوتهم واحترامهم، كما يجب أن يتواجد كل يوم معلم أو إداري أثناء الفسحة بشكل تناوب، يراقب ما يحدث في الفسحة، ويحد من أخطاء مراهقة هؤلاء، وليعيدوا لأنفسهم هيبتهم، وقدرتهم في إجبار الطلاب على احترامهم وتقديرهم وحبهم، كما يجب إصدار تعاميم تمنع الطلاب من إحضار مقصات أظافر أو سكاكين أو أشياء حادة، ويوضح لهم نوع العقاب الذي يصدر بحق أي طالب توجد لديه مثل هذه الأشياء، والأهم من ذلك، عمل تفتيش دوري للطلاب خاصة المشاغبين منهم، حيث إن عنف الطلاب ضد المعلمين بدأ يتزايد مع مرور الأيام وبدأ احترام الطلاب يقل لأساتذتهم، وأصبح العنف والانتقام وسيلة سهلة لدى المستهترين اعملوا أيها الأباء على تربية أبنائكم تربية صالحة بعيدة عن العنف والقسوة، عوّدوهم على لغة الحوار والتفاهم، اغرسوا في أنفسهم الثقة بالنفس، وحب الآخرين واحترامهم تنشئوا مع معلميهم جيلا متعلما واثقا فاهما قويا سليم العقل والنفس، خاليا من العقد والضغائن.
الأحساء