من لا يشكر الله نعمه يحرمه منها، ومن لا يوظف نعم الله لخدمة عباده فإنه يسلبها منه حتى بعد حين.
ونحن هنا في المملكة العربية السعودية نشكر الله ونحمده على ما حبانا من خيرات ومكننا من تجنيد كل إمكانياتنا لتقديم أفضل مهمة وخدمة يطمح إنسان في هذا الكون إلى تقديمها سعياً لمرضاة لله، فالمملكة التي شرف الله قادتها وأبناءها بخدمة بيت الله الحرام وضيوف الرحمن من حجاج بيت الله وزوار ومعتمري البيت العتيق ومسجد نبي الله الكريم، تحرص على أن تكون أهلاً لهذا الشرف.
هذا الشرف الكبير الذي لا يدانيه أي شرف يحرص كل سعودي على تأديته بكل إخلاص، وقبل ذلك بإيمان مطلق بأن ما يقوم به في خدمة الحجاج إنما يؤدي واجباً شرعياً يتقرب به إلى الله، ولذلك فإن كل من ينتمي إلى المملكة يسعى إلى أن يسهم بأي شيء لخدمة ضيوف الرحمن، فالقيادة لا تألو جهداً لعمل كل ما من شأنه التخفيف عن الحجاج وإقامة المشروعات والإنشاءات التي تتكلف عشرات المليارات من الريالات ومواطنون يبحثون عن أي مهمة وعمل لخدمة إخوانهم ممن قدموا للمملكة لتأدية الركن الخامس.
الخدمات وما يقدم لضيوف الرحمن كثيرة ولا يمكن الإحاطة بها في هذا الحيز، إلا أننا سنتحدث عن جانب مهم يؤرق البشر جميعاً سواء عند تأديتهم لواجباتهم الشرعية، أو في حياتهم اليومية، وهي الحالة الصحية للإنسان، وما يقدم له من خدمات طبية. والذي يلاحظ أن الدوائر المسؤولة هنا في المملكة تضع هذا الأمر في أولوية اهتماماتها، فهناك أمن الحجاج حيث يسهر على توفير الأمن والأمان لضيوف الرحمن أكثر من مائة ألف عسكري من جندي إلى حزمة كبيرة من كبار الضباط، يقودهم وزير الداخلية ونائبه ومساعده وقادة قطاعات الأمن المتواجدون جميعاً في المشاعر المقدسة وبإشراف خادم الحرمين الشريفين وتواجده مع جميع أعضاء الحكومة.
بعد الأمن وموازٍ له يأتي الاهتمام بالخدمات الصحية، حرصاً على ألا يحصل أي وباء لهم، ولهذا فإن الحاج أول ما يواجهه عند المنافذ السعودية رجال الأمن والأطباء والفنيون الصحيون، ففي منفذي البطحاء وسلوى الحدوديين وهما منفذان لخدمة حجاج ثلاث دول هي قطر والإمارات وسلطنة عمان التي تتميز بقلة سكانها وبالتالي قلة حجاجها، ومع هذا فقد خُصّص للمنفذين 68 طبيباً وفنياً، يقدمون الخدمات الصحية والطبية والعلاجية في المنفذين على فترتين. والعمل في هذين المنفذين نموذج على ما يجري في المنافذ الحدودية الأخرى في منفذ جديدة عرعر مع العراق، ومنفذي الخفجي والرقعي مع دولة الكويت ومنفذ الحديثة مع الأردن ومنفذ الطوال مع اليمن، إضافة إلى محطات قدوم الحجاج في مطار جدة ومينائها، التي حشد لها مئات الأطباء وآلاف الفنيين والممرضين، كما دعمت جميع المراكز الصحية الواقعة على الطرق التي يسلكها الحجاج للقدوم إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة بالأجهزة الطبية وسيارات الإسعاف والكوادر الطبية.
وداخل المشاعر المقدسة تكثف الأجهزة الطبية خدماتها قبل وصول الحجاج حتى مغادرتهم، والأمر لا يقتصر على مؤسسات ومستشفيات وأجهزة وزارة الصحة؛ حيث يحرص وزيرها وكبار مسؤوليها على التواجد في المشاعر المقدسة لقيادة جيوشهم من الأطباء والممرضين والفنيين، مخصصين عشرات المستشفيات والمراكز الصحية في مكة المكرمة ومنى وعرفات ومزدلفة، بل هناك جهات طبية أخرى، منها جمعية الهلال الأحمر السعودي التي قامت بإعداد برنامج متكامل لعمل الجمعية بالحج من خلال تشكيل عدة لجان تشمل لجنة الإدارة الطبية والشؤون الفنية وتعنى بوضع خطط تقديم الخدمات الطبية الإسعافية وتنفيذها وتوفير المستلزمات الإسعافية والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، ولجنة الخدمات المساندة وتعنى بأعمال المساندة مثل الاتصالات والنقل والإعداد والتجهيز لمواقع العمل والاستقبال، إضافة إلى لجنة الإعاشة للعاملين، ولجنة المتابعة وتعنى بمتابعة جودة الخدمة الإسعافية المقدمة وضمانها والتأكد من تنفيذ اللجان للمهام الموكلة لها خلال الموسم وفق الخطط المعدة لذلك.
jaser@al-jazirah.com.sa