رغم التلاسن المؤسف الذي أفضى بدوره إلى استعلاء (فج) بين ناقدنا الكبير وشاعرنا الكبير (الغذامي/ العلي) وتبادل التهم بينهما، بل و(المعايبه) بين الرمزين الثقافيين الكبيرين أقول، على الرغم من ذلك الاستعلاء فإننا في الوقت نفسه لا نقبل أن يتعالى أو بالأحرى (يستعلي) أي كان على رمزنا النقدي الكبير عبدالله الغذامي وأعني بذلك أدونيس أولاً والذي قلل من أهمية الدور الثقافي الذي يلعبه الغذامي في الخريطة الثقافية العربية، بل وحتى الخريطة الثقافية في المنطقة، وقد دافعنا حينها عن هذه القامة العالية التي تعنينا أولاً تماماً كما ندافع اليوم عن ذات (القامة- الرمز) حينما يحاول أن يُقلل من أهمية دورها أحد تلاميذ أدونيس النجباء والذي رغم خبرته الطويلة وثقافته العميقة وتفرده النقدي إلا أنه يبدو أنه لم يزل تلميذاً في مدرسة (مواقف) أو هكذا يظن أو بالأحرى (نظن نحن) لم يزل (مضبوعاً بالسحر الأدونيسي العتيد - ونعني بذلك الناقد العربي الدكتور كمال أبو ديب والذي أكد (عمق أدونيس وقدرة تأثيره وانتشاره في الثقافة العربية بمختلف مجالاتها، ويُعتبر أدونيس شخصية مهمة وذات صفات متعددة) فهو في رأيه - أي رأي أبو ديب (شاعر ومفكر ومحلل ثقافي)!
لذا (يعتبر أن المقارنة بين الغذامي وأدونيس من الأشياء الغريبة (؟!)، فالحقيقة - الكلام لم يزل لأبي ديب-: لا يوجد أحد يفكر بهذه الطريقة (..) إذ إن الغذامي لا يمكن أن يذكر في معرض الحديث عن أدونيس، وغير وارد أن يُذكر أيضاً!! (إهـ.؟!) -هكذا تكلم زرادشت- عفواً -أبو ذيب-.
***
وأبو ذيب حينما يتكلم عن أستاذه أو (زرادشته) والذي لم يزل (مضبوعاً) منه فنحن اليوم لم نعد مضبوعين منه ولا من (زرادشته) أو (أدونيسه). ولو أننا نأخذ على ناقد بحجم أبو ديب -الآن- هذه (التبعية) ولا نقول -الذيلية- اللامبررة إلا إذا كان ذلك من باب (الفزعة) أو الولاء الثقافي (الأعمى) وكأن أدونيس في فهمه ولربما في فهم الكثير من المثقفين العرب -وإن كنا منهم يوماً- أن أودنيس ذات مقدسة لا تقبل المساس أو التشبيه والعياذ بالله -مع أن صيرورة التاريخ التي يفهمها أدونيس جيداً- وإن لم يشأ -فهمها عمداً وإن نادى بها- تقول إن الحركة التجاوزية للأجيال تترك أصحاب النظريات الجامدة (من منطلق الثابت والمتحول) في جمودها وتنشأ على ركامها نظريات متجددة تتسق مع عصرها ونابعة منه.