الرياض - نواف الفقير:
تباينت وجهات نظر المحللين والاقتصاديين حول القرارات التي اتخذتها هيئة السوق المالية مؤخرا بفرض عقوبات غرامات مالية على شركات مدرجة بالسوق، ففي حين وصف بعض منهم القرارات بأنها صحيحة وتتفق مع القانون وتؤكد أن الهيئة تقوم بدورها الإشرافي والرقابي، قال آخرون إن العقوبات كان يفترض ان تكون صارمة داعين في الوقت نفسه الهيئة للكشف عن التداولات التي تتم وفق معلومات داخلية خاصة بالشركات. وقال ل(الجزيرة) القانوني والاقتصادي الدكتور ماجد قاروب إن هذه القرارات صحيحة وتتفق مع القانون والنظام مضيفا أن ذلك يؤكد على أن الهيئة تقوم بدورها الإشرافي والرقابي على أكمل وجه، كما أنها تراقب عن كثب جميع الشركات بصفة دائمة ومستمرة، داعياً إلى ضرورة أن تأخذ هذه القرارات الدعم الإيجابي من السوق والمتعاملين فيه وحملة الأسهم، وذلك من خلال ردة الفعل الإيجابية وليست السلبية منوها أن مثل هذه القرارات مؤشر يجب أن يتلقاه مساهمو الشركات التي طبق عليها هذه القرار بشكل متفائل، وذلك بسبب قانونية هذه القرارات وسلامتها وذلك لمحاسبة إدارة الشركة وتقويمها كما أن ذلك سيؤدي إلى دفع الجميع للاتجاه الصحيح لأن الأساس هو حسن إدارة الأموال لتحقيق أكبر قدر من الربح على السهم الواحد.
وأكد الخبير الاقتصادي فضل البوعينين أنه طالما أن هنالك أنظمة وقوانين سنتها السوق المالية من أجل سلامة السوق وعدالة التداول وتدعيم مبدأ الشفافية فإن أي غرامة تفرض على من يخالفها هو أمر مقبول ومعمول به في معظم الأسواق المالية، وأضاف عندما نتحدث عن السوق السعودية فإننا نطالب الشركات المساهمة بالتقيد بالأنظمة والتقيد أيضا بلائحة حوكمة الشركات التي تحث على تطبيق الشفافية والالتزام بالأنظمة والقوانين بحيث يكون ذلك التزام ينشأ من الداخل وليس خوفا من العقوبات وتطرق البوعينين إلى مخالفة أعظم من مبدأ الشفافية بالإعلان عن المعلومات المالية في وقتها حيث تطرق إلى مخالفة استغلال المعلومات الداخلية لتحقيق أهداف خاصة، وهذه أعظم وأبشع من عملية تأخير إصدار البيانات المالية ويشير فضل البوعينين إلى أنه على الرغم من خطورة هذه المخالفة إلا أننا لا نرى عقوبات كبيرة على من ينتهكها، كما أن الهيئة لا تقوم بالدور الحقيقي للكشف عن التداولات التي تتم وفق معلومات داخلية خاصة بالشركات أو بالوضع الاقتصادي العام.
من جهته أوضح عبدالحميد العمري عضو جمعية الاقتصاد السعودي أن القرارات التي صدرت مؤخراً بمعاقبة بعض الشركات التي وقعت في مخالفات سلوكية منسجمة تماماً مع الحاجة الماسة لتنظيم ورفع كفاءة السوق المحلية، كما أنصبت في تطبيق اللازم لروح نظام السوق المالية؛ خاصة فيما يرتبط مباشرة بضرورة حماية مصالح المواطنين والمستثمرين في الأوراق المالية من الممارسات غير العادلة، أو غير السليمة، أو التي تنطوي على احتيال، أو غش، أو تدليس، أو تلاعب والعمل على تحقيق العدالة والكفاية والشفافية في معاملات الأوراق المالية اضافة إلى تنظيم ومراقبة الإفصاح الكامل عن المعلومات المتعلقة بالأوراق المالية، والجهات المصدرة لها، وتعامل الأشخاص المطلعين وكبار المساهمين والمستثمرين فيها، وتحديد وتوفير المعلومات التي يجب على المشاركين في السوق الإفصاح عنها لحاملي الأسهم والجمهور. وقال إنها تمثل في مجملها بلورة حقيقية للمهام والمسؤوليات الملقاة على عاتق الهيئة وفقاً للمادة الخامسة من نظام السوق المالية، كما أنها كانت من أكثر المطالب التي افتقدتها السوق المحلية خلال الفترة الماضية من قبل حتى تأسيس هيئة السوق المالية.
وأضاف العمري إنه من المهم جداً أن تستمر الهيئة في تحقيق التطبيق التام لفقرات الأنظمة واللوائح التنظيمية؛ وذلك للتمكن من النهوض بالسوق، معتقداً أن استمرار هيئة السوق المالية في تحويل مواد وفقرات النظام واللوائح من مجرد كونها (مدونات قانونية) إلى جزء رئيس وأساسي من شخصية السوق المحلية، وهو الخيار الاستراتيجي للهيئة، كما أنه المعيار الذي يمكن العودة إليه لتقييم كفاءة جهازها الوظيفي من عدمه! وهو أيضاً السبيل الوحيد الذي يمكن للسوق المحلية العبور من خلاله إلى آفاق أرحب وأكثر تطور تخدم مجتمع المستثمرين، وتؤدي إلى زيادة ارتباط منهجية عمل السوق بالقوى الفعلية والمتينة التي يتمتع بها اقتصادنا الوطني. القرارات في مجملها إيجابية ومبشرة، ورغم أنها خطوة واحدة في طريق ممتد وطويل، فيجب ألا تكون الأخيرة وألا تتوقف هيئة السوق المالية عن المضي قدماً في إحكام تعاملات السوق بموجب روح النظام واللوائح التنظيمية.