تزامن نشر حديث خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لصحيفة السياسة الكويتية الذي أعاد فيه - حفظه الله - تأكيده سلامة الاقتصاد الوطني ومتانة أركانه، وأن ما يحدث من أمور تتنافى مع أساسيات الاقتصاد لا يعدو أن يكون (هلعا غير مبرر)، مع نشر مقالة (سياسة السوق المحروقة والحرب النفسية) في (الجزيرة) يوم أمس.
مقالة الأمس تحدثت عن سلامة الاقتصاد الكلي حيث جاء فيها: (هل يعاني اقتصادنا الوطني من مشكلات حقيقية؟ وهل تأثر تأثرا حادا بالأزمة العالمية؟ هل هناك نقص في السيولة المتاحة، أو خطر يهدد المصارف السعودية؟ هل تأثرت احتياطاتنا النقدية بالأزمة العالمية؟ وهل يمكن أن تخفض الحكومة سياسة الإنفاق على المشروعات للثلاث سنوات القادمة؟. الجواب قطعا لا.. وهو ليس جوابي، وإن كنت موقنا به مؤمنا بصحته، ولكن جواب الجهات الرسمية الموثوقة. بدءا من المجلس الاقتصادي الأعلى، مرورا بمجلس الوزراء الموقر، وانتهاء بوزارتي المال، والاقتصاد ومؤسسة النقد العربي السعودي، وآراء بعض المختصين المحايدين.).
اليوم يعيد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تأكيداته القاطعة بسلامة الاقتصاد ومتانته بما لا يدع مجالا للشك. تأكيدات حاسمة أتت من قمة الهرم السياسي والاقتصادي انعكست إيجابا على أداء سوق الأسهم السعودية التي تفاعلت بقوة مع الحديث الملكي الشفاف.
أجزم بأن ما يحدث لسوق الأسهم السعودية لا علاقة له بأساسيات السوق، وربما استخدمت الأزمة الاقتصادية العالمية سببا لضربها ودفعها نحو قيعان جديدة لم يعتقد أكثر المتشائمين بإمكانية الوصول إليها. هناك أمور كثيرة تحدث في سوق التداول لا يمكن تفسيرها، أصبحت مع مرور الوقت جزءا من المسلمات المقبولة على مضض!!. ومن ذلك على سبيل المثال؛ كيف نقبل بوجود اقتصاد متين مزدهر، ونمو في الاحتياطات النقدية، وزيادة في الإنفاق الحكومي، وتطوير للبنى التحتية والأنظمة والقوانين المالية والتجارية، ودعم مباشر من قمة الهرم السياسي لكل ماله علاقة بالمال والاقتصاد؛ وزيادة في أرباح الشركات المدرجة في السوق السعودية؛ في الوقت الذي تسجل فيه سوق الأسهم السعودية انحدارا خطيرا تسبب في القضاء على مدخرات المواطنين. ومنها أيضا، الربط بين السوق السعودية التي لا تعاني من مشكلات مؤثرة، والأسواق المالية العالمية التي تعرضت قطاعاتها المالية والصناعية للإفلاس!، ربطا نفسيا أدى إلى تكبد السوق السعودية خسائر فادحة فاقت في مجملها خسائر الأسواق العالمية. وأخطر تلك المسلمات أن يترك الحبل على الغارب للمنتفعين، وأشباه المحللين، والمتربصين شرا بالسوق السعودية ممن لا تهمهم مصلحة الوطن باستخدام الحرب النفسية والضغط على السوق لإيصالها إلى قيعان سحيقة من خلال الضغط النفسي والتعاملات المرعبة في السوق السعودية.
ما حققته السوق السعودية من قفزة حادة يوم أمس بسبب التصريحات الملكية الكريمة يجب ألا تخمد ثورتها وألا تعود من حيث أتت. بل يجب أن يكون حديث الملك عبد الله بن عبد العزيز، الفيصل الذي يفصل بين الحق الذي ينشده الغيورون على مصلحة الوطن والمواطن ومصلحة السوق، وبين الباطل الذي يروج له المتربصون والمشككون بمتانة الاقتصاد حسدا من عند أنفسهم، وتحقيقا لمآربهم.
يفترض أن تتضافر الجهود لحماية سوق الأسهم وحماية مدخرات المواطنين لتكون مرآة حقيقية لمتانة الاقتصاد الوطني. وزارتا المالية والاقتصاد، مؤسسة النقد العربي السعودي، وهيئة السوق المالية يقع عليهم العبء الأكبر في المحافظة على السوق ودعمها، وجعلها سوقا كفؤة تعتمد على الأساسيات التي أكدها الملك عبد الله، وألا يسمحوا لها بالعودة إلى ما كانت عليه تحت أي مسببات نفسية قد يختلقها البعض. كبار المضاربين، صناديق الدولة، البنوك، وصناع السوق يجب أن يقدموا مصالح الوطن على المصالح الضيقة. فالسوق أصبحت في قاع القاع، وأية أموال تضخ فيها يرجى من الله أن تحقق أرباحا مضاعفة عوضا عن تحقيقها المصالح الوطنية الشاملة.
العمل الجاد ومعالجة الأخطاء مقدم على كل شيء؛ و(لا عذر لأحد بعد اليوم)؛ حديث الملك عبد الله بن عبد العزيز جاء ليؤكد ما صدر عن المجلس الاقتصادي الأعلى، ومجلس الوزراء، وليكشف الغمة عن أعين كل من أصابه هلع الأزمة، ويقرع بالحجة كل من أراد أن يشكك في قوة الاقتصاد، ومتانة شركات القطاع الخاص تحقيقا للأهداف الخاصة. فهل نقبل بعد هذا تداعيات جديدة في سوق الأسهم؟ أجزم بالنفي بعد توكلي على الله العظيم.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 7741 ثم أرسلها إلى الكود 82244
f.albuainain@hotmail.com