عمان - (الجزيرة)
يبدو أن العالم بات يعيش في مفترق طرق حيال السلوك الحياتي المتبع لمختلف شرائح مجتمعه، حيث جاءت إفرازات وتداعيات الأزمة المالية الحالية لتخط أبجديات جديدة إلى مضمون الفلسفة المتبعة في المنظومة المالية الدولية، بعدما أضحى الاقتصاد العالمي في حالة ترنح فتارة تفتح فوهات البنوك المركزية في اتجاه ضخ أموال داخل هياكل مالية ضخمة بدت متهالكة، وتارة أخرى تعزف عن إكمال وإتمام هذا العمل خوفاً من إصابة الحكومات بعضال الجفاف المالي: ما يعني ذلك بأن مفاصل العالم دخلت إليها خصال الذعر والهلع والتخبط بينما ترامت لبنات رئيسة كانت فاعلة في الأجسام الاقتصادية خارج دوائر التنفيذ لتصبو على جنبات وضفاف الدستور العام للحركة الإنمائية.. وفي هذا السياق برزت تساؤلات كثيرة حول القطاعات التي يمكنها أن تلعب دوراً مؤثراً في كبح جماح هذا التراجع وهذا الانهيار، بينما طفت على السطح قطاعات يافعة أثبتت نجاحات وقفزات ملحوظة ضمن مساحات صغيرة وأوعية استثمارية ناشئة ما أضاف إليها قيمة فاقت التوقعات، فحينما نتحدث عن صناعة المال الإسلامية فيشار الى أنها تقدر بنحو تريليون دولار وأن هذه الصناعة تنمو نمواً متصاعداً بنسبة 15% إلى 20% سنوياً وبدأت في استنساخ مكوناتها داخل منافذ مالية دولية خارج الجغرافيا الإسلامية بنحو جيد؛ الأمر الذي دعا إلى التوقف أمام هذه الصناعة لتصبح على رأس قائمة عناوين مناقشات ودراسات الصالونات والمنتديات الاقتصادية الدولية في محاولة لمعرفة ماهية تكوين عناصرها.
يرى موسى شحادة نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام في البنك الإسلامي الأردني في النظرية المصرفية الإسلامية أنها تمتاز بتكامل حقيقي وتشكل ضمانة أساسية حيال مواكبة عملية الإنماء والتطور لكل القطاعات إذا ما تناولتها الحكومات بجميع مكوناتها كوحدة واحدة، موضحاً ضرورة إعطاء الصناعة المصرفية الإسلامية مساحات أكبر مما هي علية الآن لتسهم بجدية في إطلاق أوعية استثمارية ضخمة تؤثر بنحو كبير على دفة اقتصادات الدول وفي مطلع حديثه حول هذا الموضوع قال: هنالك حزمة من الثوابت والمبادئ بنيت عليها الصناعة المصرفية الإسلامية وحددت أطرها بضرورة الشفافية المتناهية في جميع تحركاتها فَحُرمة الفائدة ليست الميزة الوحيدة في هذه الصناعة بل أضيف إليها أيضاً موضوع ارتباط التمويل بالاقتصاد العيني، بمعنى أن يكون هنالك دراسة جلية وتقويم عام لواقع جميع المتعاملين وهذا بالطبع ما يمنحنا وضع معايير أدق لمخاطر الائتمان.
إن ما يشهده العالم الآن من أزمات ضربت أسواقا كانت تتمتع بمتانة وصلابة مالية إنما ترجم ذلك صحة فلسفة الإسلام في سلوكه المالي إزاء وجوب ارتباط التمويل بواقع حال المتعامل، نحن نتحدث عن حجم مهول من الخسائر حيث ارتبطت أزمة الرهن العقاري الحالية بعشوائية الإقراض أو التمويل إذ قامت البنوك الغربية بإعطاء تمويلاتها لمن لا يستحق أو لا يستطيع السداد، منطلقة من مفهوم وجوب تعميم فلسفة الإقراض إلى معظم شرائح المجتمع وبغض النظر عن قدرة المتعامل أو وضعه الحقيقي مراهنة في ذلك على الوتيرة التصاعدية لأسعار العقار، بيد أن الأمور جاءت بنتائج مغايرة لتعكس مدى هشاشة الثوابت التي ارتكزت عليها تلك البنوك في تحركاتها وتعاملاتها في هذا المجال حتى وصل العالم إلى ما وصل إليه، لتتفاقم أزمة وصفت بالأسوأ منذ أكثر من 70 أو 80 عاما ليصل حجم الخسائر في السوق الأمريكية ما يقرب إلى نحو 11 تريليون دولار، ناهيك عن خسائر الأسواق الأوربية وتداعيات ذلك على أسواقنا واقتصادات دولنا.
وفي قضية تفاعل هذه الصناعة والأزمة الحالية يضيف شحادة: لا يمكن لصناعة المال الإسلامية في وضعها الحالي طرح أية حلول حيال وقف جماح ما يحدث، حيث إن هذا القطاع يحتاج إلى داعم أو مسوغ قانوني ينبثق عن مرجعياته الرسمية وأقصد في ذلك البنوك المركزية التي تسن وتصدر القوانين.. من هنا وحتى يكون هذا القطاع أو هذه الصناعة مؤثرة في وضع العلاجات والحلول يتحتم عليها العيش ضمن بيئة تتوافر لديها كل مقومات الاقتصاد الإسلامي، وهذا ما يشير إلى وجوب أخذ القالب التشريعي المعتمد على ثوابت الاقتصاد الإسلامي بكامل مضامينه وسحبه بانسيابية على جميع الفعاليات المشاركة، وهنا تكمن قوة هذه الصناعة في وضع الحلول وإذابة أية مشكلات قد يواجهها الاقتصاد أي بمعنى آخر كي تأتي هذه الصناعة كبديل عن النظام المالي المتداول لابد أن يكون النظام الاقتصادي كله يأخذ بالمبادئ الإسلامية، وإذا ما تغلغل هذا الأمر داخل المكون الاقتصادي فمن المؤكد سوف تحتل الشفافية مساحة واسعة وستعلو دراسات جلية لماهية الهياكل المالية القائمة ما يؤدي إلى تعافي كامل للمادة الاقتصادية المطروحة والمنفذة، فضلاً عن أن إلغاء المضاربات (Speculation) وحرمتها في الإسلام سيؤثر بالإيجاب في جميع التعاملات والعناصر ومع تكامل حلقات النظرية المصرفية الإسلامية وتشكلها التام في اتجاه تكوين بنية اقتصادية حقيقية انما يثبت مدى رقي هذه النظرية كونها ترمي في اتجاه خدمة المجتمع وتنميته.
من جانب آخر خلقت الأزمة الحالية التي تعصف بالعالم فلسفة مختلفة في نوعية المساقات التي يتحتم على الدول العربية اتباعها في بناء اقتصاداتها فهل كان الانفتاح عاملاً إيجابياً لتلك الدول أم أن التحفظ أو ومحدودية الحركة كان هو الطريق الأفضل لخلق كيانات اقتصادية صلبة؟ ففي الآونة الأخيرة شهدت منطقة الشرق الأوسط انفتاحاً كبيراً فيما اعتبرت وجهة مستهدفة من قبل المستثمرين ولا سيما منطقة دول الخليج التي تمكنت بفضل صوغها قوانين انسجمت وطموحات هذه الشريحة من استقطاب رساميل ضخمة فاقت التوقعات مما احدث طفرة نوعية في بنيتها التحتية وخلق لها مداخيل متنوعة غير نفطية أسهمت في الناتج القومي بمساحات كبيرة، وكان الأردن أيضاً قد دخل ضمن هذه الكوكبة وقام بسن تشريعات تناغمت مع ما هو مطروح في المنطقة حتى أصبح المستثمر يرى وجوده في الأردن ضرورة لتكملة أعماله التي بدأها في الخليج، بيد أن الحال في الأردن له خصوصية مختلفة إزاء فلسفة هذا البلد في التعاطي مع الحركة المصرفية فللأردن سياسته المستقلة والمتحفظة بعض الشيء في قضية الائتمان وقواعد التسهيلات المصرفية وذلك بسبب محدودية موارده، حيث يعتمد اقتصاده على الجانب الخدماتي كالسياحة والتجارة وبعض الصناعات الأمر الذي دعاه إلى وضع معادلة مختلفة تعنى بالتحفظ النوعي إزاء موضوع منح أسقف ائتمانية أعلى للتسهيلات، هذا التحفظ له ما يبرره إذ لا تعتبر البلاد من الدول القادرة على فتح باب التمويل أمام بعض الأنشطة والفعاليات الاقتصادية وذلك لمحدودية مواردها كما أسلفنا بينما تظل السوق الأردنية تعتمد على الشركات والمؤسسات الوطنية في أغلب تداولاتها مع مراعاة مرونة الحكومة في خدمة جميع الرساميل الأجنبية وذلك من خلال توفيرها أفضل القوانين المتناغمة مع تنشيط العجلة الوطنية من جهة وتطوير ما هو قائم من جهة أخرى.
وحول تأثر الأردن من تداعيات ما يشهده العالم يقول شحادة: (إن ندرة الموارد الطبيعية، عدا الفوسفات والبوتاس في الأردن دفعته إلى خلق حالة خاصة جداً في تعاطيه مع أدواته وأساليبه إزاء أية مستجدات ولا سيما ما شهدته المنطقة في الآونة الأخيرة وفي الأعوام الخمسة الماضية من قفزات ملحوظة إزاء الضخ الاستثماري، وحتى تستغل الحكومة هذه الحالة الحاصلة في المنطقة أبدت بدورها مرونة قصوى في خلق حاضنة تشريعية حديثة تساعد على إبراز الأردن كوجهة خصبة للاستثمارات لمختلف أنواعها ما أدى إلى تماشي البنك المركزي مع ما هو قائم بنحو منطقي وبضوابط مدروسة إزاء الإقراض والائتمان ومراعاته للمرونة النوعية في هذا الشأن ومن هذه الأرضية، فالآن حينما نريد التحدث عن تداعيات الأزمة على اقتصاد المملكة من المؤكد أنه سيكون للازمة المالية العديد من الآثار الإيجابية والسلبية على الاقتصاد الوطني. وفيما يتعلق بالآثار الإيجابية فتكمن في انخفاض أسعار النفط والسلع الأساسية المستوردة ومعدل التضخم وانخفاض عجز الحساب الجاري في ميزان المدفوعات. أما الآثار السلبية فتتمثل في احتمالية انخفاض الصادرات الوطنية وحوالات العاملين في الخارج وتدفق الاستثمارات الأجنبية ومع انخفاض معدل التضخم نتيجة انخفاض الأسعار العالمية للنفط والسلع الأساسية، فمن المتوقع انخفاض التضخم بشكل ملحوظ عام 2009 بينما تعمل الحكومة على احتواء معدل التضخم والسيطرة عليه من خلال اتباع سياسة نقدية متزنة غير أن استمرار الأزمة وتعمق الركود الاقتصادي سيؤديان إلى تراجع حجم الطلب العالمي وبالتالي ما سيكون له أثر سلبي على الصادرات الوطنية على المدى المتوسط.
نتائج وإنجازات
44.34 مليون دينار أرباحا صافية والودائع 1.53 مليار دينار
1 - حقق البنك الإسلامي الأردني أرباحاً صافية حتى 30 أيلول 2008 قبل الضريبة بلغت (44.34) مليون دينار مقارنة مع (26.58 ) مليون دينار لنفس الفترة من العام الماضي بنسبة نمو بلغت (67%), كما بلغت الأرباح بعد الضريبة (30.4) مليون دينار في نهاية الربع الثالث من العام الحالي مقابل (17.63) مليون دينار للفترة نفسها من العام الماضي بنسبة ارتفاع بلغت (73%).
2 - بلغ مجموع ودائع العملاء في 30 أيلول 2008 حوالي (1.53) مليار دينار مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي والبالغة (1.33) مليار دينار بنسبة نمو بلغت (15.3%).
3 - بلغت ودائع العملاء مضافاً إليها الحسابات المدارة (حسابات الاستثمار المخصص وسندات المقارضة وحسابات الاستثمار بالوكالة) في 30 أيلول 2008 حوالي (1.84) مليار دينار مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي والبالغة (1.63) مليار دينار وبنسبة نمو وصلت إلى (12.9%).
4 - أظهرت مؤشرات البنك المالية أن حصة السهم من الأرباح في30 أيلول 2008 بلغت حوالي (37.4%) وبنسبة نمو (72%) مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي التي بلغت حوالي (22%).
5 - أما حقوق المساهمين فقد زادت حتى 30 أيلول 2008 بحوالي (22.6) مليون دينار لتصل إلى (156.1) مليون دينار مقابل (133.5) مليون دينار في نهاية العام الماضي وبنسبة نمو (17 %).
6 - بلغت ذمم البيوع المؤجلة والذمم الأخرى بالصافي حتى 30 أيلول 2008 حوالي (948) مليون دينار مقابل (800) مليون دينار لنفس الفترة من العام الماضي بنسبة نمو بلغت (18.5%), مما يؤكد دور البنك الريادي في خدمة الاقتصاد الوطني ودعم جميع فئات المجتمع بتقديم التمويلات بغرض الإسكان وتملك العقارات للأفراد أو الشركات وغيرها من النشاطات الاقتصادية.
7 - يبلغ عدد فروع البنك حالياً 56 فرعاً و10 مكاتب نقد ويبلغ عدد الصرافات الالية70 صرافاً آلياً منتشرة في معظم فروع البنك والمرافق العامة كالمجمعات التجارية والمستشفيات وغيرها وجميعها مربوطة مع (Jonet).
8 - أما أهم ما أنجزه البنك خلال عام 2007 والفترة المنصرمة من العام 2008 فكانت مزيداً من عمليات التطور والتحديث في مجال التقنيات المصرفية ومن أهمها:
ا - التوسع في تقديم خدمة الرسائل القصيرة SMS لتشمل إبلاغ المشترك عن الحركات التي تمت على حساباته لدى البنك فور حدوثها.
ب - الانتقال من نظام money gram إلى نظام western union عن طريق شبكة الإنترنت في تقديم خدمة الحوالات السريعة.
ت - استكمال تطبيق نظام المراقبة للفروع ولأجهزة الصراف الآلية عن طريق كاميرات الفيديو.
ث - الانتقال من تطبيق المقاصة الآلية إلى تطبيق نظام المقاصة الإلكترونية.
ج - تطبيق خدمة VBV التي تمكن حامل بطاقة فيزا الذهبية أو الفضية من التسوق عبر الإنترنت بصورة آمنة من خلال رقم سري يتم إنشاؤه على موقع البنك.
9 - إن التزام البنك الإسلامي الأردني بالمنهج الإسلامي يدفعنا باستمرار إلى تحسين خدماتنا وتنويعها وتطوير نظم عملنا لتحقيق أهداف البنك المستقبلية في التطوير والرقي بخدماته والوصول إلى مستوى متميز منسجم مع أحكام الشريعة الإسلامية.
10 - أما الخطة المستقبلية للبنك فتعتمد على المحافظة على وتيرة النمو ضمن الضوابط الشرعية وعلى تحقيق عوائد متوازية للمساهمين والمودعين والموظفين مع المحافظة على متطلبات شهادة الجودة ال (ايزو) التي حصل البنك عليها عام 2006, مع الاستمرار بتنويع الخدمات المصرفية وتطويرها, وتشجيع برامج تمويل الحرفيين والصناعات الصغيرة للمساعدة في إيجاد فرص عمل جديدة، إضافة إلى تركيب أجهزة صراف آلي جديدة والاستمرار في فتح فروع جديدة في المملكة والاستمرار في عمليات التطوير في البنك وتطبيق متطلبات بازل II .