Al Jazirah NewsPaper Saturday  22/11/2008 G Issue 13204
السبت 24 ذو القعدة 1429   العدد  13204
أضواء
العراق بعد الاحتلال (1)
جاسر عبدالعزيز الجاسر

دون إسقاط تداعيات سنين الاحتلال وقبلها الغزو والحصار، يتهيأ العراق كدولة، وأرض، وشعب إلى أقسى اختبار من مطلع عام 2009م إلى نهاية عام 2011م، فالقوى الطائفية والعرقية والكتل السياسية العراقية مدعومة بقوى إقليمية وأجنبية من وراء البحار تستعد لإملاء فراغ انسحاب القوات الأمريكية والبريطانية المحتلة للعراق، بعد أن يتم إبرام الاتفاقية الأمنية العراقية الأمريكية، وتوقيع اتفاقية مماثلة مع بريطانيا.

وبما أن القوات الأمريكية والبريطانية كانت تثبت واقعاً سياسياً جسد نظاماً يعتمد على نصوص (دستورية) تكرس واقعاً طائفياً حيث (يحصحص) نسب المشاركة في إدارة الدولة من خلال توزيع مسؤوليات قيادة الدولة بحيث تكون رئاسة الحكومة للطائفة الشيعية ورئاسة الدولة للكرد ورئاسة البرلمان لأهل السنة.

الدستور والتوزيع الطائفي والعرقي للسلطة لا يحظى برضا وموافقة كل العراقيين، إذ ليس سراً أن المقاومة الوطنية والتي تسميها بنود الاتفاقية الأمنية الأمريكية العراقية ب(فلول النظام السابق) تعد العدة لإملاء فراغ انسحاب القوات الأمريكية وتسلم السلطة، ولذلك فإن بنوداً في الاتفاقية تعطي الحكومة العراقية الحالية الاستعانة بالقوات الأمريكية لإفشال أية محاولة لعودة (فلول النظام السابق)..!!

أما القوى الإقليمية، وبالتحديد إيران فقد أعلن أكثر من مسؤول عسكري وسياسي إيراني، بأن إيران على استعداد وجاهزة لملء الفراغ السياسي والعسكري في العراق بعد انسحاب القوات الأمريكية.

ومثلما للمقاومة الوطنية تنظيماتها وعناصرها وأسلحتها وفصائلها، فإن لإيران حلفاء وأصدقاء وأنصارها فالأحزاب الشيعية جميعها لها ارتباط وعلاقة بإيران الدولة والمخابرات والمرجعية الطائفية العليا، والأحزاب الشيعية الأربعة الرئيسية بعضها يرتبط بعلاقات رسمية بالدولة والمرجعية وجهاز اطلاعات (المخابرات) كحزب المجلس الأعلى للثورة الإسلامية (حزب عبدالعزيز الحكيم) والذي يعد أكثر الأحزاب الشيعية العراقية امتثالاً لتوجهات طهران ويعد هو مليشياته العسكرية (منظمة بدر) الذراع السياسي والعسكري لإيران في العراق.

أما الحزب الشيعي الآخر والثاني من حيث القوة والنفوذ وإن أضعفته الانقسامات والصراع على السلطة فحزب الدعوة الذي يرأس أحد انقساماته الثلاثة رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، وهذا الفرع الذي يحمل اسم الحزب الأساسي (الدعوة) يستند في قوته على علاقات رئيسة القوية بالإدارة الأمريكية والاستفادة من نفوذ السلطة والحكومة إذ كثير من الوزارات يديرها وزراء أو وكلاء ومديرون عامون من جماعة المالكي ومن الموالين جداً له في حزب الدعوة.

أما الفرع الثاني الذي انقسم برئاسة الدكتور إبراهيم الجعفري فأخذ في الضعف ويقتصر على المثقفين ويحاول تقوية نفوذه بالاتكال على دعم الأجهزة الإيرانية، أما الفرع الثالث وهو حزب دعوة الداخل الذي يرأسه عبدالكريم العنزي فهو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمخابرات الإيرانية.

المالكي ولتقوية حزبه ونفوذه وللتفوق على حزب الحكيم عمل على تشكيل تنظيم عسكري يريده أن يكون ذراعاً عسكرياً لحزبه فابتدع إنشاء ما يسمى ب(مجالس إسناد العشائر) وهو تنظيم عسكري شعبي يعتمد على تجنيد أبناء العشائر عشائر الجنوب الشيعية من خلال استقطاب شيوخ العشائر، وهذه المجالس التي ستشكل تنظيمات عسكرية ستكون مثل مجالس الصحوة، إلا أنها ستكون مرتبطة مباشرة برئيس الوزراء أي بنوري المالكي شخصياً وهذا ما أثار ثائرة الأحزاب الشيعية وخاصة حزب الحكيم الذي يرى في مجالس الاستناد مليشيات عسكرية تابعة لحزب الدعوة فرع نوري المالكي.

كل هذه الاستعدادات تعد تهيئة لوضع اليد على العراق بعد خروج قوات الاحتلال.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد